رغم الخسائر البالغة التي تعانيها قواته المسلحة أمام الجيش الروسي، والتي كان آخرها الخسارة المأساوية بعد الانسحاب من مدينة أفدييفكا الاستراتيجية، وتكبد القوات الأوكرانية 1000 أسير، انشغل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمشكلة أخرى مع جارته بولندا.
زيلينسكي قال إنه سيسعى لإجراء محادثات عاجلة مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، في الوقت الذي أدى فيه الحصار الحدودي الذي فرضه المزارعون البولنديون إلى دخول العلاقات بين الحليفين في أزمة، قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية للغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا.
وصدم حجم الاحتجاجات الزراعية البولندية ضد واردات المنتجات الأوكرانية القادة في كييف، الذين اعتمدوا على دعم وارسو وحلفاء غربيين آخرين.
وقال زيلينسكي مخاطبا توسك مباشرة في بيان بالفيديو: "لقد وجهت حكومتنا للوصول إلى الحدود بين بلدينا في المستقبل القريب، بحلول 24 فبراير. وأنا مستعد أيضًا للقدوم إلى الحدود إلى جانب حكومتنا".
غضب المزارعين
ليس المزارعون البولنديون وحدهم من يشعر بالغضب، فقد خرج المزارعون في جميع أنحاء أوروبا إلى الشوارع، وألقى العديد منهم اللوم على الواردات المتزايدة من الحبوب والدواجن والسكر الأوكرانية في مشاكلهم.
ومن ناحية أخرى، انحنى الزعماء الأوروبيون، مثل إيمانويل ماكرون في فرنسا، وأولاف شولتس في ألمانيا، ووجورجيا ميلوني في إيطاليا، أمام غضبهم. بل "وقدموا تنازلات مكلفة"، حسب النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو".
وأشارت الصحيفة إلى أن الاحتجاجات البولندية شكلت اختبارًا أكثر صرامة لتوسك، الذي فاز بالسلطة في الانتخابات العامة في أكتوبر الماضي على رأس ائتلاف هش من أربعة أحزاب، والذي أعلن نفسه "السياسي الأكثر تأييدًا لأوكرانيا في أوروبا".
وبالإضافة إلى إغلاق المعابر الحدودية، قام المزارعون البولنديون بإلقاء الحبوب المتجهة إلى ألمانيا في الطرق، في حين حمل أحد الجرارات لافتة تعلن دعم بوتين.
ورفع المزارعون رسالة المكتوبة بأحرف كبيرة باللونين الأحمر والأسود على ورق مقوى تقول: "بوتين، أعد النظام إلى أوكرانيا وبروكسل، وإلى حكامنا".
كما عطل المزارعون أيضًا نقل الركاب والسكك الحديدية من أوكرانيا، ما أدى إلى سكب الحبوب على القضبان عند أحد المعابر يوم الثلاثاء، الأمر الذي أثار إدانة المسؤولين في كلا البلدين. حسبما ذكرت "بلومبرج".
قلق بالغ
في الفيديو الذي بثه الرئيس الأوكراني، قال زيلينسكي: "إننا نشهد الآن تسييسًا مفرطًا وغير عادل يهدد بالتخلص من الإنجازات المشتركة، مثل الحبوب الأوكرانية التي شاهدها العالم أجمع وهي تُلقى بشكل صارخ من الشاحنات وعربات السكك الحديدية على الطرق البولندية".
وأضاف: "الفلاحون يعملون بصعوبة كبيرة، على الرغم من كل الصعوبات التي سببها العدوان الروسي الوحشي".
وأعربت وزارة الخارجية البولندية عما وصفته بـ "قلقها البالغ" إزاء الشعارات المناهضة لأوكرانيا التي ظهرت خلال احتجاجات المزارعين، وألقت باللوم على المتعاونين الروس في تأجيج التوترات.
وقالت الخارجية البولندية في بيان "إن أنشطة من هذا النوع تلقي بظلالها على بولندا، التي كانت أول دولة تساعد أوكرانيا التي غزتها، وعلى البولنديين الذين رحبوا باللاجئين الأوكرانيين. والأهم من ذلك، أنها عار على منظمي الاحتجاجات أنفسهم".
كما أدانت قنصل بولندا في مدينة لفيف بغرب أوكرانيا، إليزا زونكيويتز، تصرفات المزارعين.
وكتبت على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": لم يعد بإمكاني أن أبقى صامتة من أجل حب وطني الأم. لا أستطيع التظاهر بأنني لا أرى هذه التصرفات المشينة التي تقوم بها بولندا على الحدود البولندية- الأوكرانية. أعتذر لكم أيها الأصدقاء الأوكرانيون الأعزاء".
كما قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك إنه "ليست هناك حاجة للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الحدود"، لنزع فتيل الحصار الذي يفرضه المزارعون، والذي أدى إلى تعطيل الشحنات من الدولة التي مزقتها الحرب.
وتعهد توسك خلال مؤتمر صحفي في وارسو، اليوم الخميس، بتطبيق نظام خاص على الحدود "لضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية والعسكرية لكييف على الرغم من الاحتجاجات".
وقال توسك إن مجلسي وزراء البلدين اتفقا على الاجتماع في العاصمة البولندية يوم 28 مارس الجاري.