تستعد مدينة مرسيليا الفرنسية لاستقبال زيارة رمزية من قبل البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وذلك يومي الـ22 والـ23 من سبتمبر المقبل، وهي الأولى له إلى فرنسا منذ عام 2014.
وتعتبر زيارات القادة الدينيين إلى مناطق من العالم حدثًا ذا أهمية كبيرة دائمًا، إذ تحمل في طياتها رسائل إنسانية ودينية تتعلق بالتضامن والتسامح وتعزيز قيم السلام والتعايش.
تأتي الزيارة في سياق تحديات كبيرة تشهدها منطقة البحر المتوسط، إذ يعاني الكثيرون من تداعيات الفقر والحروب، فيما يواجه المهاجرون ظروفًا قاسية في رحلتهم عبر البحر المتوسط، خلال بحثهم عن حياة أفضل، وستكون فرصة لنقل رسائل قوية حول التضامن الإنساني وضرورة تعزيز قيم التعايش والتسامح في وجه التحديات التي تواجه المنطقة.
الحوار بين الأديان ومعاناة المهاجرين
وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، تنطلق هذه الرحلة الرمزية للبابا فرنسيس من مرسيليا، والتي تتمتع بتنوع ثقافي وديني كبير، إذ يعيش فيها مسلمون ومسيحيون ويهود جنبًا إلى جنب منذ قرون، ويركز برنامج الزيارة على قضيتين رئيسيتين هما الحوار بين الأديان في المنطقة المتوسطية، ومعاناة المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر بحثًا عن مستقبل أفضل.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه بالرغم من أن الزيارة غير رسمية، إلا أنها ستشهد حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن المرجح أن يكون لها صدى إيجابي كبير على مستوى المجتمع المدني في فرنسا والعالم الكاثوليكي.
ومن المقرر أن يلتقي البابا خلال زيارته مع 70 أسقفًا و120 شابًا وشابة من دول البحر المتوسط، في إطار فعاليات "اللقاءات المتوسطية" التي تستمر منذ 17 سبتمبر، كما سيوجه البابا خلال زيارته رسالة إنسانية قوية حول قضية التضامن بين شعوب حوض المتوسط، ويأتي ذلك في إطار ما يسمى اللقاءات التي ستعقد في مرسيليا من 17-19 سبتمبر، ويهدف إلى تعزيز جسور التفاهم بين الشعوب.
مقبرة البحر المتوسط
وفي كلمته الأسبوعية، أكد البابا فرنسيس أنه لا يزور فرنسا وإنما يزور مرسيليا تحديدا، مشيرًا إلى أنه يولي اهتمامًا خاصًا للمدن التي تعاني من أوضاع اجتماعية وسياسية معقدة، وقال إن استغلال المهاجرين أمر إجرامي، مضيفًا: "المتوسط أصبح مقبرة، وهذا أمر مروع، لذلك أنا ذاهب إلى مرسيليا".
واستجاب رئيس بلدية مرسيليا بينوا بايان لدعوة الكردينال جان مارك أفيلين، رئيس أساقفة مرسيليا، لزيارة البابا، مرحبًا به في المدينة ومؤكدًا احترام القوانين الفرنسية المنظمة للعلاقة بين الكنيسة والدولة.
وأعرب عن فخره بأن يلقي البابا رسالة الأخوة والإنسانية من مرسيليا، خاصة في ما يتعلق بمساعدة الفقراء والمحتاجين، وصرح قائلا: "إنه أمر غير عادي بالمعنى الحرفي للكلمة، إذ إن الزيارة البابوية السابقة تعود إلى عام 1533 م، لا يمكننا حتى الآن قياس حجم ما سيكون حدثًا كوكبيًا نادرًا ما تشهده بلدتنا.
وتوقع رئيس بلدية مرسيليا أن يتوافد أكثر من مائة ألف زائر إليها، مشيرًا إلى فتح حدائق المدينة للسماح لمن ليس لديهم أماكن إقامة بالنوم في أماكن آمنة.
قداس جماهيري و50 ألف مشارك
ومن المنتظر أن ينظم البابا خلال زيارته مراسم دينية مهمة، أبرزها قداس جماهيري ضخم في ملعب "فيلودروم" يوم 23 سبتمبر يحضره أكثر من 50 ألف مشارك، كما سيقدم البابا خلال زيارته صلاة خاصة لضحايا المتوسط.
ويمثل وصول البابا إلى مرسيليا لحظة فارقة بالنسبة لسكان المدينة متعددة الثقافات، إذ ستكون المرة الأولى التي يزور فيها بابا الفاتيكان مدينتهم منذ 490 عامًا، كما أن رسائل التسامح والتعايش ومساندة المحتاجين التي سيطلقها، ستجد صدى كبيرًا في نفوس السكان المتعطشين للأمل والمحبة في زمن الأزمات والحروب.