تهدد حرائق الغابات دول حوض البحر الأبيض المتوسط بصورة مرعبة، لكن فرنسا تتصدى لهذه الكارثة بنجاح نسبي، فعلى الرغم من وقوع 4000 حريق منذ بداية العام، لكن بفضل استراتيجية التدخل السريع في أول هكتارات تشتعل فيها النار تمكن رجال الإطفاء من السيطرة على هذه الحرائق قبل امتدادها.
وساعدت الظروف الجوية المواتية مثل الأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة المعتدلة هذا العام على الحد من حدة الحرائق مقارنة بالأعوام السابقة.
هدوء نسبي
أعلن إريك بروكاردي، المتحدث باسم الاتحاد الوطني لرجال الإطفاء، أن هناك "هدوء نسبي" بحسب ما أشارت صحيفة "لو فيجارو".
وأوضح بروكاردي أن هناك 4000 حريق شبَّت منذ بداية العام، وهو عدد كبير، لكن استراتيجية فرنسا في مواجهة حرائق الغابات التي تهدف إلى التدخل في أول هكتارات تحترق لمنع انتشار الحريق عملت بشكل جيد حتى الآن، بالتالي كان هناك العديد من الحرائق الصغيرة، لكنها لم تلفت الانتباه كثيرًا.
تحذير منطقة بوش دو رون
ومع ذلك، تم تحذير منطقة بوش دو رون من حرائق الغابات بشكل قوي، اليوم الثلاثاء، من قِبل الأرصاد الفرنسية، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تفعيل هذا المستوى الأعلى من التحذير من خطر الحرائق.
بينما كانت هناك معارك كبيرة لرجال الإطفاء في هوت كورسفي الليلة السابقة ليوم الأربعاء الماضي في كورسيكا العليا، ونجحوا في السيطرة على حريق غابات امتد على مساحة 200 هكتار، بحسب قناة "فرانس إنفو".
ووفقًا لما أشارت إليه القناة، فإنه من الواضح أن الحرائق التي تحدث في جنوب فرنسا ليست بنفس الحجم والشدة التي تحدث في مناطق أخرى حول حوض البحر المتوسط، ولا تشبه الحرائق التي اجتاحت جنوب غرب فرنسا في نفس الوقت من العام الماضي أثناء موجة الحرارة، بعد أن احترق 20 ألف هكتار من الغابات فقط في الأسبوع الأول من يوليو، وانتهى العام بتقرير يفيد بحرق 72 ألف هكتار من النباتات.
استراتيجية التدخل المبكر
وتم ربط هذا النجاح النسبي في مواجهة الحرائق في فرنسا باستراتيجية التدخل السريع في الهكتارات الأولى التي تحترق، بالإضافة إلى تعزيز الجهود المبذولة لمكافحة الحرائق والوقاية منها منذ الصيف الماضي.
ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذه الجهود كسبب وحيد للنجاح النسبي في مواجهة الحرائق، إذ تلعب الظروف الجوية والمناخية دورًا مهمًا في ذلك.
الظروف الجوية المواتية
ويشير خبراء الأرصاد الجوية والحرائق إلى أن الأمطار الغزيرة التي هطلت في الأسابيع الأخيرة من شهر يونيو وأول يوليو ساعدت في ترطيب التربة والنباتات، ما يجعلها أقل عرضة للاشتعال، بحسب ما أوضحت كاثرين روبيرت، مدير الأبحاث في مركز البيئة الوظيفية والتطورية في مونبلييه، لشبكة "فرانس 24".
وبالتالي، تظل النباتات نسبيًا خضراء وليست جافة ما ساعد في منع انتشار الحرائق بشكل كبير.
لكن جفاف التربة ليس هو العامل الوحيد المؤثر في حرائق الغابات، فهناك عاملان آخران مهمان بنفس القدر، وهما الرياح ودرجات حرارة السطح.
ومرة أخرى، على الأقل فيما يتعلق بدرجات الحرارة، فإن الظروف كانت نسبيًا لطيفة في فرنسا منذ بداية يوليو، وعلى الرغم من الطقس الحار في جنوب شرق البلاد، إلا أن درجات الحرارة ليست استثنائية جدًا للموسم.