بعد مرور أسبوع على تدخل الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل وإيران من أجل التوصل إلى هدنة أنهت صراعًا استمر 12 يومًا، لا تزال علامات الغموض تحيط بمستقبل هذا الاتفاق، في وقت تتزايد فيه التساؤلات بشأن مدى التراجع الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني، وإمكانية استئناف المحادثات بين واشنطن وطهران، ودور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في دفع جهود التهدئة في غزة.
الهدنة، التي تم التوصل إليها بعد يوم واحد فقط من شن الولايات المتحدة ضربات جوية ضخمة باستخدام قنابل خارقة للتحصينات على ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، صمدت حتى الآن، لكنها لم تنه بعد التوترات المتصاعدة في المنطقة على حد وصف وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس"، ولا تزال الشكوك تحيط بالنتائج طويلة المدى لهذه العملية.
البرنامج النووي الإيراني
بعد أن نفّذت الولايات المتحدة هجماتها على إيران مستهدفة منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية، قال "ترامب" إنها "دُمِّرت بالكامل"، بينما أكد وزير دفاعه أنها "أحبطت قدرة إيران النووية".
في المقابل، أشار تقرير أولي صادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية إلى أن الضربات ألحقت أضرارًا جسيمة، لكنها لم تدمر هذه المنشآت بشكل نهائي.
من جهته، صرّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، بأن المواقع الثلاثة تعرضت لتدمير كبير في بنيتها الأساسية، لكنه أوضح أن بعض القدرات لا تزال قائمة، وأنه لا يمكن معرفة حجم الضرر الحقيقي ما لم تسمح إيران بدخول مفتشين دوليين.
العلاقات الأمريكية الإيرانية
رغم حديث ترامب بعد وقف إطلاق النار عن تخفيف العقوبات القاسية على إيران، وإمكانية تحولها إلى "دولة تجارية عظيمة" إذا تخلت عن برنامجها النووي، فإن التصريحات التصعيدية للمرشد الإيراني علي خامنئي -الذي وصف الضربات الأمريكية بأنها صفعة في وجه أمريكا- دفعت ترامب للتراجع عن أي خطوات فورية لتخفيف العقوبات، بحسب "أسوشيتد برس".
وعلى الرغم من تقارير تتحدث عن محادثات أولية بين الطرفين لاستئناف المفاوضات، فإن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي نفى وجود أي اتفاق قائم، فيما لم يوضح ترامب التزامه النهائي بالمحادثات، مكتفيًا بقوله "قد نوقّع اتفاقًا، وقد لا نحتاج لذلك أصلًا".
ومع تراجع الحالة الصحية للمرشد الإيراني وتقدمه في العمر، تزايدت التكهنات بشأن مدى تدخله في اتخاذ القرارات، خاصةً في ظل غيابه عن الساحة العامة أخيرًا، غير أن مؤشرات كثيرة تدل على أن خامنئي لا يزال ممسكًا بزمام الأمور، ويواصل توجيه السياسة العسكرية والحكومية في إيران، مستندًا إلى نفوذه الكبير في الحرس الثوري وأجهزته الأمنية، وفقًا للوكالة الأمريكية.
التهديدات الإيرانية
سبق وردّت طهران على الضربات الأمريكية بهجوم صاروخي على قاعدة أمريكية في قطر، لكن إدارة ترامب اعتبرت الهجوم رمزيًا ومحاولة لحفظ ماء الوجه، مؤكدة أن الهجوم تم التنبؤ به مسبقًا وتم احتواؤه.
التهديد الإيراني لا يقتصر على الردود الصاروخية، إذ حذرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية من تصاعد الهجمات الإلكترونية الإيرانية، مشيرة إلى محاولات لاختراق بنوك وشركات دفاع وطاقة أمريكية، رغم أن هذه الهجمات لم تؤدِ حتى الآن إلى تأثيرات واسعة النطاق.
هل تصمد الهدنة؟
تشير المعلومات التي نشرتها "أسوشيتد برس" إلى أن ترامب، فور انتهاء الضربات، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم توقع المزيد من العمل العسكري الأمريكي، لكنه في الوقت ذاته أوضح أن واشنطن تتوقع من إسرائيل ضبط النفس.
ورغم موافقة إسرائيل على الهدنة، حذّر نتنياهو من أن بلاده سترد بقوة "إذا حاول أحد في إيران إحياء المشروع النووي"، فيما تؤكد إيران أن الضربات لم تُحدث أثرًا يذكر.
وقال ترامب إنه يعتقد أن إيران لن تستأنف برنامجها النووي في الوقت الحالي، لكنه شدّد على أن واشنطن تتوقع فتح المواقع النووية أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تحدي غزة
بعد إنجازه ضربات إيران، يواجه ترامب الآن تحديًا آخر يتمثل في غزة، فالرئيس الأمريكي الذي وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء حرب غزة بسرعة، لم ينجح حتى الآن في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
مصادر في الإدارة الأمريكية تقول إن ترامب كثّف اتصالاته مع نتنياهو وقادة إقليميين خلال الأيام الماضية بهدف دفع عجلة التسوية في غزة، وسط أنباء عن زيارة وشيكة لمسؤولين إسرائيليين إلى واشنطن لاستكمال المحادثات حول التهدئة وقضايا أخرى.