قصفت إسرائيل والولايات المتحدة، إيران في محاولة للقضاء على قدرتها على صنع سلاح نووي، في حرب الـ12 يومًا، ويمكن لإيران استئناف تخصيب اليورانيوم في غضون بضعة أشهر فقط، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال رئيس الوكالة، رافائيل جروسي، إن البرنامج النووي الإيراني لم يُدمر بالكامل، ويمكن إعادة تخصيب اليورانيوم، خلال أشهر أو حتى أقل، باستخدام عدة سلاسل من أجهزة الطرد المركزي.
ولا يزال مصير ما يُقدر بـ408 كيلوجرامات من اليورانيوم، الذي خصبته إيران بالفعل إلى مستوى عالٍ بلغ 60% بعد التفجيرات مجهولًا، واعترف رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "لا نعرف أين يمكن أن تكون هذه المواد"، وإذا ما خُصب هذا اليورانيوم إلى مستوى أعلى من 90%، فسيكون كافيًا لصنع 9 قنابل نووية على الأقل.
وقال "جروسي"، في مقابلة مع شبكة "سي بي إس"، إن بعض المواد النووية ربما دُمِّرت في الهجمات، لكن ربما سُحب بعضها الآخر، ولا يزال يتعين تحديد مكان وجودها.
وصوّت البرلمان الإيراني على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورُفض طلب طهران إرسال مفتشين من الوكالة إلى المنشآت النووية الإيرانية المتضررة في الهجمات.
تضرر البرنامج النووي الإيراني
في أعقاب الهجمات، ثار جدل حول مدى الضرر الذي لحق بالبرنامج النووي الإيراني، نقلًا عن تقرير استخباراتي أوليَّ، أفادت وسائل إعلام أمريكية بأن الهجمات لم تُؤخر البرنامج النووي الإيراني سوى بضعة أشهر، وأن أجهزة الطرد المركزي ومخزونات اليورانيوم المخصب الإيرانية لم تُدمر بالكامل، ونفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هذه التقارير ووصفها بأنها أخبار كاذبة.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، كرر تقييمه بأن إيران لم تُزل مخزوناتها من اليورانيوم قبل الهجمات على المنشآت النووية، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مقابلة مع برنامج "صنداي مورنينج فيوتشرز" على قناة فوكس نيوز، وفقًا لمقتطفات نُشرت سابقًا: "هذا أمر صعب للغاية، ولم نُعطِ سوى تحذير ضئيل للغاية. لم يزلوا أي شيء".
وفيما يلي الخطوات الرئيسية لبناء سلاح نووي - وما قد يعنيه الهجوم على قدرة إيران على الحصول على كل منها، إذا قررت الآن المضي قدمًا في ذلك، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
- استدامة الخبرة النووية
على مدى العقود الماضية، تمكنت إيران من بناء خبرات علمية وهندسية في مجال التكنولوجيا النووية.
وتقول إسرائيل إنها قتلت ما لا يقل عن 14 من أبرز الخبراء النوويين الإيرانيين في الهجمات الأخيرة، لكن هناك فئة أخرى من العلماء في إيران يشاركون الكثير من هذه المعرفة، وإذا صمدت التجارب السابقة من اغتيالات سابقة للكفاءات النووية، فمن المرجح أن يتمكنوا بمرور الوقت من مواصلة العمل.
- منجم خام اليورانيوم
لدى إيران منجمان نشطان لليورانيوم، يقع كلاهما في وسط البلاد، لم تُفصح طهران عن كمية اليورانيوم التي استخرجتها في السنوات الأخيرة، لكنها تقول إن المواد الموجودة في أحد هذين المنجمين، "ناريجان"، تكفي لصنع أكثر من 50 رأسًا نوويًا، ولم تستهدف الضربات مناجم اليورانيوم الإيرانية خلال القتال.
- تحويل اليورانيوم إلى غاز
وقبل الضربات كانت المنشأة الوحيدة المعروفة في إيران، التي يمكنها تحويل اليورانيوم الطبيعي إلى غاز، في شكل سداسي فلوريد اليورانيوم، موجودة بأصفهان.
وألحقت الصواريخ الأمريكية أضرارًا بالغة بموقع تحويل اليورانيوم الرئيسي في إيران، ما أدى على الأرجح إلى تدمير قدرة إيران على تحويل اليورانيوم الطبيعي إلى الشكل اللازم، لبدء عملية التخصيب، وقد تستغرق إعادة البناء سنوات.
- تخصيب اليورانيوم
هذا هو أصعب جزء في صنع قنبلة نووية، ويتطلب إنتاج اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع القنابل مجموعات هائلة من أجهزة الطرد المركزي عالية السرعة لتدوير غاز اليورانيوم وتركيز الشكل المخصب، وتضم منشآتا نطنز وفوردو أكثر من 18 ألف جهاز طرد مركزي، معظمها تحت الأرض، وفق "نيويورك تايمز".
من المرجح أن تكون إسرائيل دمرت جميع أجهزة الطرد المركزي في نطنز، وصرّح رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن أجهزة الطرد المركزي في فوردو، وهو موقع تخصيب رئيسي آخر بإيران يقع في عمق جبل، بدت "غير صالحة للعمل" بعد الهجوم الأمريكي.
وقال ترامب، "إن المنشأة "دُمّرت"، على الرغم من أن تقييمات أخرى كانت أكثر حذرًا، كما دمرت إسرائيل مصانع تُصنّع أجهزة الطرد المركزي.
وزعمت إيران أن لديها منشآت تخصيب سرية أخرى، ولكن لا يوجد دليل على وجود مواقع تخصيب أخرى عاملة، كما تعمل إيران على تجميع أجهزة طرد مركزي متطورة من الجيل التالي في مواقع متفرقة، وما لم تتدخل الدبلوماسية أو العمل العسكري، فقد تُركّبها في منشأتين تحت الأرض كانت تبنيهما.
- تخزين اليورانيوم المخصب
قدّر المفتشون الدوليون هذا العام، أن إيران تمتلك ما يقارب 900 رطل من اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع القنابل، وآخر مرة رأى فيها المفتشون بعضًا من هذا المخزون كانت قبل أسبوع تقريبًا من بدء إسرائيل ضرباتها.
في ذلك الوقت، كان مخزون اليورانيوم مُخزّنًا في أعماق مجمع نووي بالقرب من أصفهان في براميل خاصة صغيرة بما يكفي لوضعها في صناديق نحو 10 سيارات، وبمجرد تخصيبه، يكفي هذا المخزون لصنع 9 أو 10 أسلحة ذرية، لكن وكالات الاستخبارات الأمريكية قدرت أن إيران لم تقرر بعد ما إذا كانت ستصنع قنبلة.
وبحسب الصحيفة، أفاد تقرير أمريكي سري بأن جزءًا كبيرًا من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب قد نُقل قبل الضربات، وأصرّ البيت الأبيض على أنه دُمّرَ، لكنه لم يُقدّم أي دليل على ذلك، وتعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووكالات الاستخبارات الأوروبية، أن إيران على الأرجح وزّعت مخزوناتها من اليورانيوم المخصب في أنحاء البلاد.
وخُصِّب اليورانيوم الأكثر إثارة للقلق بالفعل إلى درجة نقاء 60%، ما يُقصّر بشكل كبير الوقت اللازم للوصول به إلى درجة نقاء 90%، وهي عادة ما تُعتبر وقودًا صالحًا للاستخدام في صنع الأسلحة، لكن تحقيق ذلك يتطلب أجهزة طرد مركزي مخفية وعاملة.
تحويل اليورانيوم المخصب إلى معدن
كانت إيران تمتلك منشأة معروفة لتحويل اليورانيوم المخصب إلى حالته المعدنية الصلبة، وهي خطوة حاسمة قبل أن يتمكن من استخدامه في سلاح.
دمرت إسرائيل منشأة إيرانية لإنتاج معدن اليورانيوم في أصفهان، ودون هذه القدرة المهمة، لا تستطيع إيران صنع قنبلة ذرية، مع ذلك حذّر أحد الخبراء من أن إيران أنتجت معدن اليورانيوم في مواقع أخرى سابقًا، وربما يكون لديها موقع سري لإجراء هذا العمل في مكان آخر.
صنع قنبلة
لبناء سلاح نووي حديث باستخدام هذا المعدن، ستحتاج إيران وفقًا لتقرير "نيويورك تايمز" إلى تصغير مكونات أساسية، مثل نظام التفجير، لتلائم رأسًا حربيًا قادرًا على إطلاقه، وليس من الواضح ما إذا كانت إيران تمتلك هذه القدرة، لكن يعتقد الخبراء أنها أحرزت بعض التقدم، ويُعتقد أنها أجرت تجارب على أجهزة تفجير، وخلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية، العام الماضي، إلى أن إيران تعمل على نهج أسرع وأكثر بدائية لإنتاج سلاح.
ودمرت إسرائيل العديد من المباني في منشأة سنجاريان التصنيعية، التي كانت مرتبطة بتطوير أنظمة التفجير والمتفجرات، لكن قد يكون لدى إيران منشآت مماثلة أخرى.
وباستخدام سلاح نووي، تستطيع إيران إجراء تجربة نووية، كما فعلت كوريا الشمالية، لأول مرة عام 2006، وهناك طرق عديدة لإطلاق السلاح، لكن إذا أرادت ضرب هدف عن بُعد، فإنها تحتاج إلى طائرات أو صواريخ لإطلاقه، وحتى وقت قريب كانت تمتلك آلاف الصواريخ، وكثير منها قادر على حمل سلاح نووي.
وتزعم إسرائيل أنها دمرت مئات من منصات إطلاق الصواريخ الإيرانية، لكن من غير المرجح أن تتمكن من القضاء تمامًا على قدرة إيران على إطلاق صاروخ قادر على حمل رؤوس نووية.