تسببت ظاهرة الطعن العشوائي في قلق كبير ومخاوف لدى قطاعات كبيرة من السكان في اليابان، والتي انتشرت في الآونة الأخيرة، سواء في الشوارع أو مترو الأنفاق أو داخل المؤسسات التعليمية.
وخلال الأيام والأسابيع الماضية، تعرض عدد من اليابانيين، بينهم مراهقون ومسنون، بحسب صحيفة "اليابان تايمز"، لحالات طعن مختلفة، كان آخرها إقدام شاب يبلغ من العمر 15 عامًا على طعن امرأة مسنّة بدون سابق إنذار.
الهروب من الحياة
أقدم الفتى الياباني على طعن المرأة البالغة من العمر 84 عامًا باستخدام سكين، حتى الموت في محافظة تشيبا. ووفقًا للسلطات، لم يرتكب تلك الجريمة الشنعاء إلا لأنه أراد قتل شخص ما.
واعترف الشاب في التحقيقات أنه قتل السيدة اليابانية دون أي خلافات بينهما، وأنه فقط أراد قتلها حتى يمكن إرساله إلى مركز احتجاز الأحداث، ليتمكن من الهروب من حياته المنزلية التي وصفها بالمضطربة.
رسالة للوالدين
في بداية مايو، شهدت محطة مترو أنفاق بالقرب من جامعة طوكيو بالعاصمة اليابانية جريمة بشعة، حيث أقدم رجل ياباني يبلغ من العمر 43 عامًا على مهاجمة طالب بصورة عشوائية.
وأكد المتهم الذي تم القبض عليه أنه أراد من وراء تلك الجريمة أن يظهر لوالديه أن الآباء المتسلطين الذين يتوقعون أن يحقق أبناؤهم نجاحًا أكاديميًا مفرطًا، حتى ولو لم يكونوا قادرين على ذلك، إنهم يدفعونهم دون أن يشعروا إلى الجريمة.
بدون سبب
وألقت الشرطة اليابانية في يناير الماضي القبض على رجل في الأربعينات من عمره، عقب قيامه بطعن آخر حتى الموت في محطة ناجانو الشهيرة، وأصاب اثنين آخرين، ووصفته السلطات بأنه هجوم عشوائي.
وفي نهاية شهر ديسمبرالماضي، تعرضت فتاة مراهقة للقتل بصورة عشوائية، بعد أن أقدم رجل لا يمت لها بصلة أو وجود أي علاقة بينهما على طعنها باستخدام سكين خلال تواجدها في مطعم وجبات سريعة في محافظة فوكوكا.
وضع متدهور
وكشف استطلاع رأي أجرته وكالة تابعة للشرطة اليابانية شمل أكثر من 5 آلاف شخص فوق الـ 15 عامًا، أن 56.4% فقط من المشاركين يشعرون بأن اليابان مكان آمن، وشعر 76.6% منهم أن الوضع الأمني في اليابان قد تدهور خلال السنوات العشر الماضية.
وتأتي المخاوف من أن عدد القضايا الجنائية المتعلقة بالسكاكين في البلاد شهد في الواقع انخفاضًا في العقد الماضي. وبحسب بيانات الهيئة الوطنية للأسلحة اليابانية، كان هناك 3896 قضية جنائية تتعلق بالسكاكين في عام 2023، بانخفاض عن 4978 قضية في عام 2013.
وتعد أشهر قضية طعن جماعي عشوائي واجهتها اليابان، التي حدثت في يوليو 2016، عندما تسلل "يوماتسو" بسيارته إلى منشأة رعاية صحية في طوكيو مسلحًا بعدة سكاكين، وتمكن من قتل 19 شخصًا.
القلق العام
وأكد خبراء علم النفس، بحسب الصحيفة، أن القلق العام في المجتمع الياباني من تلك الظاهرة ينبع من مخاوف عودة انتشارها مرة أخرى بعد انخفاضها خلال السنوات الماضية.
ووفقًا لهم، في كل مرة تقع حادثة كبيرة، يشعر الناس بالقلق من أن المجتمع أصبح أكثر خطورة، وهو ما دفع إلى وجود تساؤلات حول السبب وراء ارتفاع هذا النمط من العنف العشوائي.
المعاناة الأساسية
وأشاروا إلى أن مثل هذه الحوادث غالبًا ما تعكس قضية أعمق على المستوى المجتمعي، مشيرين إلى أنها تعد محاولة يائسة لجذب الانتباه إلى المعاناة الأساسية، والتي تكون نابعة من أفراد يفتقرون إلى القدرة على التعبير عن صراعاتهم بشكل فعال، مما يدفعهم إلى الهجوم بعنف بدلاً من ذلك.
وأشار علماء النفس إلى أن مرتكبي مثل هذه الجرائم يميلون إلى العزلة، ويفتقرون إلى الارتباط الإنساني أو المشاركة داخل المجتمع، معتقدين أن بناء مجتمع لا يُعزل فيه الناس أمر بالغ الأهمية لمنع مثل هذه الحوادث.