في مشهد يعكس تصاعد التوترات الأمنية والاجتماعية على خلفية السياسات التي تتبعها دولة الاحتلال، أصبحت حوادث الطعن بالسكاكين ظاهرة مقلقة تهدد أمن الإسرائيليين في داخل الأراضي المحتلة وخارجها.
فما كان يُعدّ نادر الحدوث تحوّل إلى وقائع شبه يومية تضع الإسرائيليين على حافة الخوف المستمر، في حوادث تتراوح بين هجمات فردية وأخرى ذات دوافع معقدة، باتت تُنفّذ بأيادٍ متعددة، سواء كانت إسرائيلية، أو عربية، أو أجنبية.
طعن في قلب أثينا
وفي حادثة جديدة تعكس التوترات الأمنية المتزايدة، تعرض إسرائيليان للطعن في وسط العاصمة اليونانية أثينا، في اعتداء أثار تساؤلات حول أمن الإسرائيليين في الخارج.
ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن منفذي الهجوم تعرّفا على الضحيتين بعد سماعهما يتحدثان باللغة العبرية، ورؤيتهما يرتديان قلادة تحمل نجمة داود، وفيما تم القبض على أحد المهاجمين، فلا يزال شريكه في الهجوم فارًا.
وقع الاعتداء في منطقة "عرامو" الشعبية وسط أثينا، وهي منطقة معروفة بجذب السياح، وأفادت وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن الإسرائيليين اللذين تعرضا للهجوم لم يحتاجا إلى دخول المستشفى، وفقًا للمعلومات الأولية، فإن المهاجم الذي تم القبض عليه كان قد شارك في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين سابقًا.
تصاعد العنف داخل إسرائيل
في الوقت الذي تشهد فيه المدن الإسرائيلية تصاعدًا في العنف، كان آخر هجوم طعن في أحد شوارع تل أبيب المزدحمة يناير الماضي، ما أدى إلى مقتل إسرائيلي إذ كان منفذ العملية فلسطيني، وأشارت التقارير الإسرائيلية إلى أن عام 2024 شهد مقتل 134 شخصًا وإصابة 1277 آخرين في هجمات متنوعة، من بينها 67 حادثة طعن، ما يعكس تصاعد وتيرة العنف.
لم تقتصر عمليات الطعن على المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل امتدت إلى داخل المجتمع الإسرائيلي ذاته، ففي مدينة حيفا المحتلة، أقدم شاب إسرائيلي على طعن امرأة داخل متجر، ما أثار صدمة واسعة، وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال رجحت أن الجاني يعاني من اضطرابات عقلية، إلا أن الحادثة كشفت عن تصاعد العنف داخل إسرائيل.
وفي تطور آخر، أعلنت سلطات إسرائيلية اعتقال ثلاثة شبان إسرائيليين بتهمة التعاون مع نشطاء فلسطينيين والتخطيط لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، وهو ما يضيف بُعدًا جديدًا للأزمة الأمنية في البلاد.
هجمات ضد الإسرائيليين في الخارج
تصاعدت الهجمات التي استهدفت الإسرائيليين في الخارج، حيث باتت ظاهرة "الذئاب المنفردة" تشكل تهديدًا متزايدًا، ففي مارس 2024، هاجم شاب يبلغ من العمر 15 عامًا رجلًا يهوديًا في زيورخ الألمانية، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة.
وقال يوناتان كروتنر، الرئيس التنفيذي للرابطة الجامعة للجاليات اليهودية في سويسرا، إن تصاعد الهجمات ضد اليهود يعكس أبعادًا أيديولوجية غير مسبوقة، في ظل تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة.
هجمات في الصين وفرنسا وكندا
في أكتوبر الماضي، تعرّض موظف إسرائيلي يعمل في السفارة الإسرائيلية في بكين للطعن أثناء توجهه لشراء الطعام، وهو حادث أثار مخاوف حول أمن الإسرائيليين في الخارج. وفي باريس، تعرض رجل يهودي للطعن ست مرات على يد شخص يعرفه منذ الطفولة، ما أعاد إلى الأذهان مخاوف الجاليات اليهودية في أوروبا.
وفي يوليو 2024، حاول مواطن كندي تنفيذ هجوم بسكين بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، تعبيرًا عن غضبه من الحرب الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين. وتعكس هذه الحوادث تصاعد التوترات العالمية المرتبطة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
مخاوف أمنية متزايدة
مع تزايد وتيرة الهجمات ضد الإسرائيليين داخل وخارج إسرائيل منذ بداية الحرب العنيفة على غزة في أكتوبر 2023، يواجه الإسرائيليون واقعًا أمنيًا مضطربًا يعكس مظاهر احتجاجية ضد كل ما هو إسرائيلي .
ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الحكومة الإسرائيلية تدرس تعزيز الإجراءات الأمنية لحماية مواطنيها في الخارج، وسط مخاوف من استمرار العنف في المستقبل القريب.