الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"حصان طروادة الإلكتروني".. تفاصيل جديدة حول خطة "البيجرز" المفخخة

  • مشاركة :
post-title
أعجب قادة حزب الله بهذه الأجهزة إلى الحد الذي جعلهم يشترون 5000 جهاز

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

كشف تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن تفاصيل جديدة في عملية تفجير أجهزة النداء الآلي "البيجرز" التي قام بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، أواخر سبتمبر الماضي، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة المئات من عناصر حزب الله اللبناني.

ولفت التقرير إلى أنه "في العرض الأولى الذي تم تقديمه لحزب الله قبل عامين، بدا النوع الجديد من أجهزة النداء "أبوللو" مناسبًا تمامًا لاحتياجات الجماعة ذات الشبكة مترامية الأطراف من المقاتلين، والسمعة التي اكتسبتها بشق الأنفس".

وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز النداء الآلي من طرازAR924 "كان ضخمًا بعض الشيء ولكنه قوي، ومصمم لتحمل ظروف ساحة المعركة؛ وكان يتميز بتصميم تايواني مقاوم للماء وبطارية كبيرة الحجم، يمكن أن تعمل لشهور دون شحن. والأفضل من ذلك كله أنه لم يكن هناك خطر من إمكانية تعقب أجهزة النداء من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية".

وبالفعل، أعجب قادة حزب الله بهذه الأجهزة، إلى الحد الذي جعلهم يشترون 5000 جهاز منها ويبدأون في توزيعها على المقاتلين من المستوى المتوسط ​​وأفراد الدعم في فبراير الماضي. هكذا "لم يشك أي من المستخدمين في أنهم يحملون قنبلة إسرائيلية مصنوعة ببراعة".

وتم تجميع هذه الرواية، بما في ذلك العديد من التفاصيل الجديدة حول العملية، من مقابلات مع مسؤولين أمنيين وسياسيين ودبلوماسيين إسرائيليين وأمريكيين مطلعين على الأحداث، بالإضافة إلى مسؤولين لبنانيين وأشخاص مقربين من حزب الله.

وتصف هذه التقارير خطة استمرت لسنوات، بدأت في مقر الموساد في تل أبيب، وشارك فيها مجموعة من العملاء في بلدان متعددة؛ كما ترويها "واشنطن بوست".

أحد أجهزة النداء الآلي ينفجر داخل محل تجاري في بيروت
صممه الموساد

نشأت فكرة عملية أجهزة النداء في عام 2022، وبدأت أجزاء من الخطة في الظهور قبل أكثر من عام من عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي، والذي كان وقتًا من الهدوء النسبي بين إسرائيل وفصائل المقاومة.

ومن بين أعداء إسرائيل، كان حزب الله هو الأقوى على الإطلاق "وكان المسؤولون الإسرائيليون يراقبون بقلق متزايد كيف أضافت الجماعة اللبنانية أسلحة جديدة إلى ترسانتها، القادرة بالفعل على ضرب المدن الإسرائيلية بعشرات الآلاف من الصواريخ الموجهة بدقة".

لذا، ولسنوات عمل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، على اختراق الجماعة من خلال المراقبة الإلكترونية والعملاء. وبمرور الوقت، تعلم قادة حزب الله القلق بشأن المراقبة والاختراق الإسرائيلي، والخوف من أن يتم تحويل حتى الهواتف المحمولة العادية إلى أجهزة تنصت وتتبع تسيطر عليها إسرائيل.

هكذا، ولدت في إسرائيل فكرة ابتكار "حصان طروادة" للاتصالات. وحسب التقرير "كان حزب الله يبحث عن شبكات إلكترونية مقاومة للاختراق لنقل الرسائل، وتوصل الموساد إلى عدد من الحيل التي من شأنها أن تدفع الجماعة إلى شراء أجهزة تبدو مثالية، وهي المعدات التي صممها الموساد وقام بتجميعها في إسرائيل".

ولتسع سنوات اكتفى الإسرائيليون بالتنصت على حزب الله "ولكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة ومنتج جديد براق، جهاز اتصال لاسلكي صغير مزود بمتفجرات قوية. وفي مفارقة لم تتضح إلا بعد أشهر عديدة، انتهى الأمر بحزب الله إلى دفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل هذه القنابل الصغيرة".

ولأن قادة حزب الله كانوا على دراية بالتخريب المحتمل، لم يكن من الممكن أن تأتي أجهزة الاتصال اللاسلكي من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف آخر لإسرائيل. لذلك، في عام 2023، بدأت الجماعة تتلقى طلبات لشراء كميات كبيرة من أجهزة الاتصال اللاسلكي من طراز "أبوللو" ذات العلامة التجارية التايوانية، وهي علامة تجارية معروفة وخط إنتاج يتم توزيعه في جميع أنحاء العالم ولا توجد روابط واضحة مع المصالح الإسرائيلية أو اليهودية. وقال مسؤولون إن الشركة التايوانية لم تكن على علم بالخطة.

تسويق المتفجرات

جاءت خطة المبيعات من مسؤولة تسويق -رفض المتحدثون للصحيفة الكشف عن هويتها وجنسيتها- موثوق بها لدى حزب الله، ولها صلات بالشركة المصنعة لأجهزة أبوللو.

تقول "واشنطن بوست": "كانت المرأة ممثلة مبيعات سابقة للشركة التايوانية في الشرق الأوسط، أسست شركتها الخاصة، وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة النداء التي تحمل علامة "أبوللو" التجارية. وفي وقت ما من عام 2023، عرضت على حزب الله صفقة على أحد المنتجات التي تبيعها شركتها، وهو جهازAR924 ".

وقال مسؤول إسرائيلي مطلع على تفاصيل العملية: "كانت هي التي كانت على اتصال بحزب الله، وشرحت لهم لماذا كان جهاز النداء والبطارية الأكبر أفضل من النموذج الأصلي. إحدى المميزات كانت أنه من الممكن شحنه بكابل، وكانت البطاريات تدوم لفترة أطول".

ولكن في نهاية المطاف، تبين أن مسؤولة التسويق لم تكن على علم بالعملية، وأن أجهزة النداء تم تجميعها فعليًا في إسرائيل تحت إشراف الموساد "وكانت أجهزة النداء التي صنعها الموساد، والتي يزن كل منها أقل من ثلاث أونصات (85 جرامًا) تتضمن ميزة فريدة، وهي بطارية تخفي كمية ضئيلة من المتفجرات القوية".

وقد تم إخفاء مكون القنبلة بعناية شديدة حيث لا يمكن اكتشافه تقريبًا، حتى لو تم تفكيك الجهاز "ويعتقد الإسرائيليون أن حزب الله قام بتفكيك بعض الأجهزة، وربما قام بفحصها بالأشعة السينية".

ولضمان إحداث أقصى قدر من الضرر، تمت تهيئة التفجير من خلال إجراء خاص من خطوتين مطلوب لعرض الرسائل الآمنة التي تم تشفيرها "قال أحد المسؤولين (الإسرائيليين): كان عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة. عمليًا، كان هذا يعني استخدام كلتا اليدين. من شبه المؤكد أن المستخدمين سيصابون بكلتا يديهم، وبالتالي سيكونون غير قادرين على القتال".

زعم الموساد أنه كان على علم بمكان وجود نصر الله في لبنان لسنوات ويتتبع تحركاته
رسالة مشفرة

لم يكن معظم كبار المسؤولين في إسرائيل على علم بالعملية حتى الثاني عشر من سبتمبر. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن هذا هو اليوم الذي استدعى فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستشاريه الاستخباراتيين لعقد اجتماع لمناقشة الإجراءات المحتملة ضد حزب الله.

ووفقًا لملخص الاجتماع، قدم مسؤولو الموساد لمحة أولى عن واحدة من أكثر عمليات الوكالة سرية، وبحلول ذلك الوقت، كان الإسرائيليون قد وضعوا أجهزة مفخخة في أيدي وجيوب الآلاف من رجال حزب الله.

وقال مسؤولون إن نقاشًا حادًا اندلع في مختلف أنحاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية "فقد أدرك الجميع، بما في ذلك نتنياهو، أن الآلاف من الأجهزة المتفجرة قد تلحق أضرارًا لا توصف بحزب الله، ولكنها قد تؤدي أيضًا إلى رد فعل عنيف، بما في ذلك ضربة صاروخية انتقامية ضخمة من جانب القادة الناجين، مع احتمال انضمام إيران إلى المعركة".

لكن آخرين، وخاصة الموساد، رأوا فرصة لتعطيل الوضع الراهن "بشيء أكثر كثافة". وفي نهاية المطاف، علق نتنياهو على هذا الأمر قائلًا: "لقد كان من الواضح أن هناك بعض المخاطر".

في الأسبوع التالي، بدأ الموساد في الاستعداد لتفجير أجهزة النداء وأجهزة الاتصال اللاسلكية التي كانت متداولة بالفعل. بينما توسع النقاش ليشمل هدفًا آخر، الأمين العام لحزب الله نفسه.

وحسب "واشنطن بوست"، زعم الموساد أنه كان على علم بمكان وجود نصر الله في لبنان لسنوات ويتتبع تحركاته عن كثب "ومع ذلك، امتنع الإسرائيليون عن اغتياله، وكانوا على يقين من أن الاغتيال سيؤدي إلى حرب شاملة مع الجماعة المسلحة، وربما مع إيران أيضًا".

وفي السابع عشر من سبتمبر، وبينما كان النقاش في أعلى دوائر الأمن القومي في إسرائيل حول ما إذا كان ينبغي ضرب زعيم حزب الله، رنّت أو اهتزت آلاف أجهزة النداء التي تحمل علامة "أبوللو" في وقت واحد، في مختلف أنحاء لبنان وسوريا. وظهرت جملة قصيرة باللغة العربية على الشاشة: "لقد تلقيت رسالة مشفرة".

بالطبع، اتبع عناصر حزب الله التعليمات بدقة للتحقق من الرسائل المشفرة، قاموا بالضغط على زرين.

هكذا، مزقت الانفجارات الأيدي وأطاحت بالأصابع. وبعد أقل من دقيقة، انفجرت آلاف الأجهزة الأخرى بغض النظر عمّا إذا كان المستخدم قد لمس جهازه أم لا.

وفي اليوم التالي، انفجرت مئات من أجهزة النداء بنفس الطريقة، مما أسفر عن مقتل وإصابة المستخدمين والمارة.