تبدأ اليوم الثلاثاء، اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية في نيويورك، وسط مخاوف من اندلاع حرب إقليمية، في ظل التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق على لبنان، وهو موضوع يهيمن على الدورة الـ79 للجمعية العامة.
وكان أمس الاثنين اليوم الأكثر دموية في لبنان منذ حرب 2006، حيث شن الاحتلال الإسرائيلي سلسلة مكثفة من الغارات الجوية عبر مساحات واسعة من لبنان، أسفرت عن استشهاد 492 شخصًا على الأقل، بينهم عشرات الأطفال، وإصابة أكثر من 1600 آخرين، بحسب السُلطات اللبنانية، فيما فرّ السكان من منازلهم يائسين للوصول إلى بر الأمان، بعد أن بدأت هواتفهم المحمولة تتلقى رسائل نصية من إسرائيل ومكالمات من أرقام مجهولة تحثهم على الإخلاء على الفور.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، في اجتماع لمجلس الوزراء، بحسب وسائل إعلام محلية، إن "العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان هو حرب إبادة بكل معنى الكلمة وخطة تدميرية تهدف إلى تدمير القرى والبلدات اللبنانية". ودعا "الأمم المتحدة والجمعية العامة والدول المؤثرة إلى ردع العدوان الإسرائيلي".
ولكن حلفاء إسرائيل الرئيسيين، بما في ذلك الولايات المتحدة، لم يعربوا إلا عن انتقادات خافتة للعدوان على لبنان؛ مما أثار تساؤلات حول نوع الضغوط الدبلوماسية التي تمارس على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وأعربت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، وهي بعثة لحفظ السلام، عن "قلقها البالغ على سلامة المدنيين في جنوب لبنان وسط حملة القصف الإسرائيلية الأكثر كثافة منذ أكتوبر الماضي".
وجاء في البيان أن الهجمات التي تستهدف المدنيين "لا تشكل انتهاكات للقانون الدولي فحسب، بل قد ترقى إلى جرائم حرب".
وأضاف أن قائد قوات اليونيفيل، الفريق أرولدو لازارو، كان على اتصال مع الأطراف اللبنانية والإسرائيلية، وبذل جهودًا "لتخفيف التوترات ووقف القصف".
وتم نشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار على طول ما يسمى الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان بموجب القرار 1701، الذي أنهى الحرب بين الجانبين في عام، وتشمل المهمة تسجيل انتهاكات وقف إطلاق النار.
وبعد يومين من "قمة المستقبل" التي خصصت للتحديات الكبرى التي تواجهها البشرية، سيعتلي أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة منبر القاعة العامة للأمم المتحدة تواليًا خلال أسبوع تخيم عليه النزاعات الدائرة خصوصًا في لبنان وقطاع غزة.
ومن المرجح أن يؤدي ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى انسحاب عدد من وفود الأمم المتحدة الرافضة للحرب على غزة. كما قد يأتي هذا في الوقت الذي تدرس فيه لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية ما إذا كانت ستوجه إليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وقال ريتشارد جوان، مدير الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، إن "نتنياهو يكره المؤسسة ولا يثق بها، لكنه يحب أن يأتي إلى هنا ليخبرنا بأننا جميعًا مجرد قمامة".
وأضاف جوان إن "الدبلوماسية الحقيقية لخفض التوترات ستجري في الكواليس"، مثيرًا احتمال إجراء الدبلوماسيين الغربيين والعرب مناقشات مع الإيرانيين "لمنع الوضع الإقليمي من الخروج عن نطاق السيطرة".
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إن "السلام يتعرض للهجوم من كل الجهات"، داعيًا إلى "وضع حد للمآسي التي تواجهها البشرية".
وستكون القمة هي الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي جو بايدن أمام الأمم المتحدة، حيث يختتم الرئيس الأمريكي خمسة عقود من الخدمة الحكومية بمحاولة تسوية أحد أكثر الصراعات صعوبة في العالم.
وقال بايدن مرارًا وتكرارًا إن التوصل إلى حل دبلوماسي لا يزال ممكنًا في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عام على غزة، لكنه لم يتمكن من تأمين وقف مؤقت لإطلاق النار وتبادل المحتجزين الذي سيكون الخطوة الأولى نحو اتفاق سلام محتمل بين الجانبين.
وفي حديثه للصحفيين بعد وصوله إلى البيت الأبيض على متن الطائرة مارين وان، أكد أنه يشعر بالقلق إزاء تصاعد التوترات في الشرق الأوسط. وقال: "سنبذل كل ما في وسعنا لمنع اندلاع حرب أوسع نطاقًا، وما زلنا نضغط بقوة".
وسيعتلي جو بايدن المنصة، صباح الثلاثاء، لإلقاء خطابه الأخير أمام الجمعية العامة. وقال مسؤول أمريكي كبير إن الولايات المتحدة تعارض غزوًا بريًا للبنان وستقدم "أفكارًا ملموسة" لشركائها هذا الأسبوع في الأمم المتحدة لتخفيف حدة هذا الصراع.
من جهته، اتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي سيلقي أول خطاب له في الأمم المتحدة، إسرائيل بالسعي إلى "توسيع" الصراع في الشرق الأوسط.
وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس الاثنين، من أن النزاع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في "حرب شاملة"، فيما طلبت فرنسا عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع؛ لبحث الوضع في لبنان.