الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"إمبراطورية أورسولا".. كيف سيطرت "فون دير لاين" على المفوضية الأوروبية؟

  • مشاركة :
post-title
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

عندما كشفت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة أورسولا فون دير لاين، عن فريق عملها للمفوضية الأوروبية -التي ترأسها للمرة الثانية- والذي تضمن أسماء المفوضين الستة والعشرين وأدوارهم، شعر العديد من الساسة أنها سوف تتمتع بسيطرة غير مقيدة على سياسات الاتحاد الأوروبي.

بتعبير آخر، أوضحت رئيسة المفوضية، بشكل قوي، من يتولى المسؤولية بالفعل في بروكسل، حسب تعبير النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو"؛ التي لفتت إلى أنه "في غضون دقائق، قدمت فون دير لاين منصبًا كبيرًا لا يحمل سوى قدر ضئيل من المسؤولية عن واحدة من أقوى البلدان في الاتحاد الأوروبي، ودعمت أصدقاءها، وخففت من حدة الحقائب الوزارية القوية من خلال تقسيمها بين عدة أشخاص".

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، قوله "كان الاستيلاء على السلطة كاملًا"، مشيرًا إلى أن رئيسة المفوضية "ستكون أكثر سيطرة على كل شيء".

وتلفت الصحيفة إلى أن ذلك "كان تتويجًا لشهور من الاستراتيجية العامة والخاصة لإبعاد الأصوات المعارضة التي كانت تبديها خلال ولايتها الأولى كرئيسة للمفوضية الأوروبية. لم يبق من الفريق الأول أي من المعارضين. فقد رحلت شخصيات كبيرة، مثل الفرنسي تييري بريتون والهولندي فرانز تيمرمانز".

الملكة أورسولا

خلال فترة ولايتها الأولى، التي واجهت فيها جائحة عالمية وحربًا على أعتاب الاتحاد الأوروبي، اكتسبت فون دير لاين سمعة في اتخاذ القرارات وصفت بأنها "من جانب واحد"؛ كما زعم عدد من ساسة أوروبا أنها تتجاوز وظيفتها، بعد قيامها بإبعاد زعماء الاتحاد الأوروبي الآخرين عن عملية صنع القرار، والتحدث إلى حفنة من المستشارين فقط "ونتيجة لهذا، اكتسبت لقب "الملكة أورسولا" في بروكسل"، كما تشير الصحيفة.

تقول "بوليتيكو": في صباح اليوم الذي أعلنت فيه فون دير لاين عن فريقها الثاني، رفضت أن تخبر البرلمان الأوروبي -شركائها في عملية الموافقة على المفوضين- بمن ستكلفه بكل وظيفة. وبدلاً من ذلك، غادرت اجتماعًا مع كبار قادة البرلمان، وتوجهت مباشرة إلى مؤتمر صحفي كشفت فيه عن كل التفاصيل. واتهمت لاحقًا بـ "ازدراء" البرلمان".

قبل ساعات من ذلك، أقنعت رئيسة المفوضية الفرنسيين بأنها ستمنح مرشحهم لمنصب المفوض وظيفة بالغة الأهمية إذا ما استبدلوا بريتون "وفي يوم الثلاثاء، عندما كشفت عن مواصفات الوظيفة، أدرك الفرنسيون أنهم تعرضوا للخداع في منصب أقل أهمية".

وقال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي: "أي شخص يعتقد أنها كان بإمكانها تغيير أسلوبها وإرادتها في فرض سيطرة صارمة كان ساذجًا على أقل تقدير".

المساواة

كانت اللغة العامة التي استخدمت في حديث المفوضين الستة والعشرين، الذين يمثلون كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي -باستثناء ألمانيا لأن فون دير لاين هي مفوضتها- دبلوماسية، إن لم تكن مطمئنة. حيث قالت لهم أنهم مجموعة من "المتساوين".

لكن، في إطار تمزيقها للهيكل التنظيمي القديم، قالت فون دير لاين إنها تعمل على تخليص المفوضية من "الهياكل التنظيمية الجامدة نسبيا السابقة"، مما يجعل المؤسسة أقل تسلسلا هرميًا. زاعمة أن هذا من شأنه أن يسمح بتعاون أكبر بين المفوضين وموظفيهم المدنيين، ويمنحهم "مسؤولية متساوية" لتحقيق أولوياتهم.

لكن دبلوماسيي ومسؤولي الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك بعض موظفيها في المفوضية، يقولون إن الهيكل الجديد سيسمح لفون دير لاين بتقسيم المفوضية.

ونقلت الصحيفة عن رينيه ريباسي، الذي يقود الاشتراكيين الألمان في البرلمان الأوروبي، وصفه لاستراتيجية فون دير لاين: "لا أعتقد أن هذا خلل ولكنه ميزة في النظام الجديد".

وفي حين نجح الاشتراكيون، ثاني أكبر قوة سياسية في البرلمان الأوروبي، في تأمين حقيبة ضخمة للإسبانية تيريزا ريبيرا، فقد تُرِكوا في أماكن أخرى مع حقائب أقل أهمية ومسميات وظيفية مبالغ فيها. فقد أعلنت فون دير لاين أن المرشحة الاشتراكية الرومانية غير المعروفة، روكسانا مينزاتو، ستكون نائبة الرئيس التنفيذي لشؤون الأشخاص والمهارات والاستعداد.

وكنوع من الحماية الإضافية، قامت بتعيين موالين موثوق بهم، مثل السلوفاكي ماروش شيفتشوفيتش، واللاتفي فالديس دومبروفسكيس، والهولندي فوبكي هوكسترا، لمراقبة زملائهم، حسب التقرير.

وأضافت الصحيفة: "كانت -فون دير لاين- قاسية حتى مع حليفها إيمانويل ماكرون، الذي دفعها، إلى جانب المستشارة الألمانية -آنذاك- أنجيلا ميركل، إلى استعادة منصبها في المفوضية الأوروبية في عام 2019.

وقبل يوم واحد من الإعلان، استبدلت فرنسا بريتون بالأقل خبرة ستيفان سيجورني، بعد أن ضمنت فون دير لاين دورا أكثر قوة إذا تم إقصاء أكبر منتقديها الداخليين "لكن المسؤولين الفرنسيين يشعرون أن فون دير لاين لعبت دور ماكرون، من خلال إعطاء تلميذه سيجورني وظيفة أضعف من تلك التي كان يشغلها بريتون".

ونقل التقرير عن دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي إن ماكرون "استبدل شخصًا تجرأ على الوقوف ضد فون دير لاين بشخصية أضعف بكثير". وأضاف الدبلوماسي أن الخوف الأكبر لدى باريس قبل الانتخابات الأوروبية في يونيو الماضي كان من جرأة فون دير لاين.

كما أكد مسؤول كبير في المفوضية الأوروبية أن الهيكل الحالي "يسمح باتباع نهج أكثر شمولية".