فشل مجلس النواب الأمريكي في تمرير مشروع قانون التمويل الفيدرالي الذي دعمه رئيس المجلس الجمهوري مايك جونسون، قبل أقل من أسبوعين من الموعد المحدد للإغلاق الجزئي للحكومة الأمريكية في الأول من أكتوبر، ما يضع البلاد على حافة أزمة مالية وسياسية محتملة.
انقسامات
وكشفت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية عن تفاصيل التصويت المثير للجدل، إذ جاءت النتيجة النهائية 202 لصالحه مقابل 220 رفضوا المشروع.
وفي تفصيل مثير للاهتمام، عارض المشروع 14 نائبًا جمهوريًا، في حين صوّت جميع النواب الديمقراطيين ضده باستثناء ثلاثة فقط.
وهذا الانقسام داخل صفوف الحزب الجمهوري يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها "جونسون" في توحيد حزبه حول قضية التمويل الحكومي.
وفي خطوة غير معتادة، اختار اثنان من الأعضاء الجمهوريين التصويت بـ"حاضر"، ما يشير إلى تردد واضح في اتخاذ موقف حاسم من مشروع القانون.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن فشل مشروع القانون لم يكن مفاجئًا تمامًا للمراقبين السياسيين، إذ كان هناك العديد من المؤشرات التي سبقت التصويت، إذ أبدى عدد من النواب الجمهوريين انتقادات حادة للاقتراح، ما وضع "جونسون" في موقف صعب.
ونظرًا للأغلبية الضئيلة التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس النواب، والتي لا تتجاوز بضعة مقاعد، كان من الضروري لجونسون الحصول على دعم شبه كامل من حزبه لضمان تمرير المشروع.
تفاصيل مشروع التمويل
تضمن مشروع القانون الذي اقترحه جونسون عنصرين رئيسيين أثارا جدلاً واسعًا، الأول هو تدبير تمويل مؤقت لمدة ستة أشهر، وهو ما يُعرف باسم "قرار استمرار"، وهذا الإجراء يهدف إلى ضمان استمرار تمويل الحكومة الفيدرالية لفترة محددة، ما يمنح المشرعين مزيدًا من الوقت للتفاوض على ميزانية أكثر شمولاً.
أما العنصر الثاني، وهو الأكثر إثارة للجدل، فهو قانون حماية أهلية الناخب الأمريكي (Save Act)، والذي يتطلب من الأشخاص إظهار إثبات المواطنة عند التسجيل للتصويت، وهو ما اعتبره الكثيرون محاولة لتقييد حق التصويت وإثارة مخاوف بشأن التمييز المحتمل ضد بعض فئات الناخبين.
وفقًا لـ"ذا جارديان"، فإن إدراج قانون "Save Act" في مشروع التمويل يعكس الضغوط التي يواجهها جونسون من الجناح اليميني في حزبه، وخاصة من الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ دأب الأخير على الترويج لادعاءات حول وجود تصويت واسع النطاق من قبل غير المواطنين، ومارس ضغوطًا كبيرة على جونسون لرفض أي إجراء تمويلي ما لم يتضمن أحكامًا تتعلق بما يسميه "أمن الانتخابات".
وفي تصريح مثير للجدل نشره على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" قبل ساعات من التصويت، أكد ترامب على موقفه قائلًا: "إذا لم يحصل الجمهوريون على قانون SAVE، وكل جزء منه، فيجب ألا يوافقوا على قرار استمرار بأي شكل من الأشكال"، ما يسلط الضوء على التأثير الكبير الذي لا يزال يمارسه على الحزب الجمهوري، حتى بعد مغادرته البيت الأبيض.
انتقادات وتحذيرات
وأثار إدراج قانون Save Act في مشروع التمويل موجة من الانتقادات من قبل الديمقراطيين وبعض الخبراء القانونيين، إذ يشير منتقدو القانون، كما نقلت "ذا جارديان"، إلى أنه من غير القانوني بالفعل لغير المواطنين التصويت في الانتخابات الفيدرالية الأمريكية.
كما عبروا عن مخاوفهم من أن مثل هذا القانون قد يعوق جهود الناخبين الشرعيين للإدلاء بأصواتهم، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع مثل كبار السن والأقليات العرقية.
في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن بيت أجيلار، رئيس التجمع الديمقراطي في مجلس النواب، قوله: "يجب على رئيس المجلس جونسون رفض الأصوات الأكثر تطرفًا في حزبه، والتحرك سريعًا نحو اتفاق من الأركان الأربعة حتى نتمكن من تجنب إغلاق حكومي مكلف بقيادة الجمهوريين".
على الجانب الآخر، حذر زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، الجمهوري ميتش ماكونيل، من التداعيات السياسية الخطيرة لأي إغلاق حكومي محتمل، إذ قال في مؤتمر صحفي: "الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يحدث هو إغلاق الحكومة.. سيكون ذلك -من الناحية السياسية- أمرًا أحمق للغاية بالنسبة لنا".
قرار استمرار نظيف
مع رفض مشروع قانون جونسون، يجد رئيس مجلس النواب نفسه أمام تحدٍ كبير لإيجاد طريقة جديدة لتجنب الإغلاق الحكومي قبل أسابيع قليلة من يوم الانتخابات، في حين تشير التوقعات، وفقًا لما نقلته "ذا جارديان" عن مصادر من كلا الحزبين، إلى أن جونسون قد يوجه اهتمامه الآن إلى ما يسمى بـ "قرار استمرار نظيف"، أي مشروع قانون تمويل مؤقت خالٍ من الإضافات المثيرة للجدل مثل قانون Save Act.
ومع ذلك، فإن رئيس المجلس تجنب الإجابة عن أسئلة حول أي خطة بديلة قبل التصويت، مكتفيًا بالقول: "دعونا نرى ماذا سيحدث مع مشروع القانون.. نحن في الميدان في منتصف المباراة.. الرامي يستدعي اللعبة. سنقوم بتنفيذها".