أقرّ معظم المحللين العسكريين الإسرائيليين بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد مرور عام على الحرب على غزة، باتت تجد نفسها في عمق دوامة أمنية لا تنتهي ووضع يزداد تعقيدًا وسوءًا، مع اختفاء أي أمل يدل على نهاية الحرب أو التوجه نحو حل شامل، فيما يُمكن أن يوصف بعام التيه الإسرائيلي.
ويعيش الاحتلال الإسرائيلي أطول حرب يخوضها منذ إقامة الدولة، بعد ما يقرب من عام على بدء الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وتسببت حتى الآن في دمار واسع متعمد للبنية التحتية للقطاع، وخلفت أكثر من 40 ألف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمفقودين.
تصعيد شامل
وأكد المحللون العسكريون الإسرائيليون -منهم القائد السابق لفرقة غزة اللواء احتياط يسرائيل زيف- أن الوضع الأمني في إسرائيل، ليس فقط لا يتحسن بل أيضًا يزداد تعقيدًا، ومن جهة أُخرى لا يوجد أفق يدل على نهاية الحرب أو حتى على التوجه نحو حلّ للوضع، بحسب المركز الفلسطيني مدار للدراسات الإسرائيلية.
ويرى الإسرائيليون أن دولة الاحتلال تجد نفسها الآن في عمق دوامة أمنية، حيث الحدث يلاحق الحدث، وردود الأفعال تتلاحق، ولا نهاية للأحداث في كل الجبهات من حولها، حيث تتجه الأنظار أكثر فأكثر نحو احتمال حدوث تصعيد شامل بين إسرائيل وحزب الله في منطقة الحدود الشمالية.
قلق أمريكي
وتشعر الولايات المتحدة الأمريكية بخطورة انزلاق إسرائيل في مستنقع لا يمكنها الخروج منه، وهو ما يكشف عن سبب زيارة الموفد الأمريكي الخاص لرئيس الولايات المتحدة جو بايدن، عاموس هوكشتاين، إلى المنطقة، وسيقوم بزيارة كل من إسرائيل ولبنان.
وبموجب التحليلات في إسرائيل تعبر زيارة لهوكشتاين عن قلق أمريكي مُتزايد إزاء إمكانية تصعيد شامل بين إسرائيل وحزب الله، حيث شهد الأسبوع الأخير ارتفاعًا ملحوظًا في قوة النيران المتبادلة بين الطرفين، والتصويب نحو أهداف بعيدة في عمق الأراضي في الجانبين.
حياة المحتجزين
ومازال نتنياهو بحسب صحيفة هآرتس لم يقرّر بعد ما إذا كان سيستمر في توسيع ضغط القتال في قطاع غزة أم إنه سيقوم بتحويل الانتباه إلى لبنان، مشيرين إلى أنه كالعادة ترتبط قراراته إلى حدٍ بعيدٍ بالضغوط والقيود التي تُمارَس عليه، منها وقف شحنات الأسلحة التي تفرغ مخزون الذخيرة وتآكل الوحدات النظامية التي تتحمل العبء الأكبر في القتال.
وعلى الرغم من ذلك لم تتمكن التظاهرات الضخمة الأخيرة لأهالي المحتجزين، والتي حركتها قضية استعادة جثث 6 من أحد الأنفاق في قطاع غزة، في تغيير موقف نتنياهو، ويرى المحللون أنه لا ينوي التقدم نحو صفقة كون حياة المحتجزين باتت ثانوية بالنسبة إليه، والأكثر أهمية هو البقاء في منصبه، بجانب المحافظة على علاقات جيدة مع دونالد ترامب الذي يمكن أن يعود مرة أخرى.
جيش منهك
ويعتقد المحللون الكبار السابقون في الجيش الإسرائيلي، أن الضغط العسكري المستمر في قطاع غزة سيجعل من الصعب دخول حرب واسعة النطاق في لبنان، بسبب عدة أمور من أبرزها العلاقة السيئة بين نتنياهو وكبار القادة، بجانب التراجع في كفاءة الجيش.
وأخيرًا تجتمع التقديرات التحليلية في إسرائيل، بحسب المركز، على أن رئاسة هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال منهكة ومحبطة، ومن الصعب أن تتمسك بموقفها إذا أرادت الخروج من غزة، بسبب الانتكاسة التي تسببت فيها في هجوم 7 أكتوبر، حيث يُشكل ذلك الأمر بجانب وعود نتنياهو بالنصر القريب أو التعهد باستمرار القتال ضغطًا كبيرًا عليها.