أكد د. أسامة شعث الخبير السياسي الفلسطيني وأستاذ العلاقات الدولية، أهمية الاجتماع العربي الإسلامي الأوروبي في مدريد، بشأن القضية الفلسطينية.
واستضافت العاصمة الإسبانية مدريد، أمس الجمعة، اجتماعًا ضم ممثلي مجموعة الاتصال الوزارية المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، من جمهورية مصر العربية، ومملكة البحرين، والمملكة الأردنية الهاشمية، ودولة فلسطين، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية تركيا، وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؛ ووزراء خارجية وممثلي كل من أيرلندا، والنرويج، وسلوفينيا، وإسبانيا.
وأصدر المشاركون في الاجتماع بيان مدريد المشترك حول القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي يتضمن المطالبة بإعادة السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية على معبر رفح وبقية الحدود، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، بما في ذلك ممر فيلادلفيا. وأعلن الاجتماع الاتفاق على عقد مؤتمر دولي للسلام بأقرب وقت ممكن.
وقال شعث في تصريحات خاصة لموقع قناة "القاهرة الإخبارية" إن اجتماع مدريد هو خطوة إيجابية وبناءة لتحقيق السلام، وقراراته بشأن حل الدولتين مهمة جدًا، لكن هناك حاجة إلى تنفيذ حقيقي لتلك القرارات.
وأضاف: "لا يخفى على أحد تلك القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، والتي تطالب بإنهاء الاحتلال والعدوان ووقف الاستيطان وتنفيذ حل الدولتين وغير ذلك، لكنها للأسف لم تجد تلك القرارات طريقها للتنفيذ، ليس بسبب تعنت الاحتلال فحسب، وإنما بسبب مواصلة الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومعها الدول العظمى دعم الاحتلال عسكريا واقتصاديا وحمايته وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي له لحمايته من أي عقوبات".
وأكد الخبير السياسي الفلسطيني، أن قرارات اجتماع مدريد مهمة، لكنها بحاجة الى التنفيذ، مشيرًا إلى أن تنفيذ تلك القرارات يتطلب استخدام لغة المصالح العربية وأدوات التأثير العربية لإجبار الإدارة الأمريكية قبل حكومة الاحتلال على تنفيذ القرارات الدولية.
وتابع شعث: "كيف نضغط على الاحتلال بينما الدولة العظمى هي من تمول وتدعم وتسخر كل إمكانياتها لحماية الاحتلال.. إذن يجب أولا الضغط على إدارة واشنطن للإقرار بحقوق الشعب الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطين في مجلس الأمن ثم عقد مؤتمر دولي تحت مظلة مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام ووضع جدول زمني محدد للانسحاب غير المشروط".
وأكد الخبير السياسي الفلسطيني أن أي تحركات عربية ودولية لإنقاذ الإبادة في غزة هي جهود مقدرة جدا، لكنها ستكون غير ذي جدوى إن لم يكن هناك عقوبات أو ضغوط حقيقية فاعلة على واشنطن والاحتلال.
وأفاد البيان الصادر عن اجتماع مدريد أمس "اجتمعنا اليوم الجمعة، في مدريد، في خضم أسوأ أزمة شهدها الشرق الأوسط منذ عقود، للتأكيد على التزامنا المشترك بتنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين".
وأضاف البيان "خلال سنوات عملية السلام، حددت الأطراف والمجتمع الدولي مرجعيات ومعايير لتنفيذ حل الدولتين، استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وقواعد ومبادئ القانون الدولي، ومبادرة السلام العربية. وبدلًا من ذلك، تسببت الإجراءات الأحادية غير القانونية، والمستوطنات، والتهجير القسري، والتطرف في إحباط آمال الشعبين في تحقيق السلام. منذ السابع من أكتوبر، تتكشف أمام أعيننا مأساة غير مسبوقة من المعاناة الإنسانية والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، مما يقوض السلم والأمن الدوليين".
وأدان البيان جميع أشكال العنف والإرهاب. ودعا إلى التنفيذ الموثوق وغير القابل للتراجع لحل الدولتين وفقًا للقانون الدولي والمعايير المتفق عليها، بما في ذلك مبادرة السلام العربية، لتحقيق سلام عادل ودائم يلبي حقوق الشعب الفلسطيني، ويضمن أمن إسرائيل، ويحقق علاقات طبيعية في منطقة تسودها الاستقرار والأمن والسلام والتعاون".
وأوضح البيان "بعد مرور ثلاث وثلاثين عامًا على مؤتمر السلام الذي عقد في هذه المدينة، لم تتمكن الأطراف والمجتمع الدولي من تحقيق هدفنا المشترك، والذي لا يزال قائمًا، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، الذي بدأ في عام 1967، وتحقيق واقع تعيش فيه دولتان مستقلتان وذات سيادة، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب بسلام وأمان، ومندمجتان في المنطقة، على أساس الاعتراف المتبادل والتعاون الفعّال لتحقيق الاستقرار والازدهار المشترك".
كما رحب البيان بالرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 يوليو 2024. وكرر التأكيد على ضرورة تمكين الحكومة الفلسطينية من أداء جميع واجباتها في كافة أنحاء قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
وأكد البيان الدعم الكامل لجهود الوساطة الجارية التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة، ورفض جميع الإجراءات التي تهدف إلى عرقلة عملية الوساطة هذه. مضيفًا "نكرر دعوتنا لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين، كما ندعو إلى إعادة السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية على معبر رفح وبقية الحدود، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، بما في ذلك من ممر فيلادلفيا".
وشدد البيان "توجد حاجة ملحة لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون شروط وبدون عوائق وبكميات كبيرة من خلال فتح جميع المعابر الإسرائيلية، ودعم عمل وكالة الأونروا وغيرها من الوكالات الأممية. ونحث جميع الأطراف على تنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية".
وحذر البيان من التصعيد الخطير في الضفة الغربية وحث على وقف فوري للهجمات العسكرية ضد الفلسطينيين، وكذلك جميع الإجراءات غير القانونية التي تقوض آفاق السلام، بما في ذلك أنشطة الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وتهجير الفلسطينيين. و"نؤكد على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي في المواقع المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، ونعترف بالدور الرئيسي للوصاية الهاشمية في هذا الصدد. وندعو إلى وقف جميع الإجراءات التي تؤدي إلى التصعيد الإقليمي".
وأكد البيان "يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات نشطة لتنفيذ حل الدولتين، بما في ذلك الاعتراف العالمي بدولة فلسطين، وضمها كعضو كامل في الأمم المتحدة، وأن مسألة الاعتراف هي عنصر أساسي في هذه الأجندة الجديدة للسلام، مما يؤدي إلى الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وفلسطين".
وشدد البيان على "اليوم، نؤكد من جديد التزامنا المشترك بجهود السلام لتعزيز تنفيذ حل الدولتين، ونذكر أن دولنا قد اتفقت على ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن".
واختتم البيان "مع وضع هذه الأهداف في الاعتبار، ندعو الأطراف وجميع أعضاء الأمم المتحدة للانضمام إلى الاجتماع الموسع حول "الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين كمسار لتحقيق السلام العادل والشامل"، وذلك على هامش الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 سبتمبر 2024".