أعربت كندا و92 دولة، من ضمنها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وأستراليا، عن دعمها المحكمة الجنائية الدولية، في مواجهة الانتقادات الحادة من الولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب تحقيقاتها في جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية، إلى جانب اتهامات الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة.
وذكرت هذه الدول - في بيان مشترك - "باعتبارنا دولًا أطرافًا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإننا نؤيد أن المحكمة ومسؤوليها وموظفيها يجب أن يؤدوا واجباتهم المهنية كموظفين مدنيين دوليين دون تخويف".
وأفاد البيان - الذي نشرته الخارجية الكندية - بأنه "تماشيًا مع البيان الصحفي الصادر في 17 مايو 2024 وجاء في بيان الدول الـ93 الصادر الجمعة، كما جاء في بيان رئيس جمعية الدول الأطراف والبيان الصادر عن مكتب المدعي العام، 3 مايو 2024، نؤكد من جديد دعمنا الثابت للمحكمة؛ كمؤسسة قضائية مستقلة ومحايدة".
وجددت هذه الدول التزامها "بدعم المبادئ والقيم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي والدفاع عنها، والحفاظ على سلامتها من أي تدخلات وضغوط سياسية ضد المحكمة ومسؤوليها والمتعاونين معها. ونجدد عزمنا الوقوف متحدين ضد الإفلات من العقاب".
وقالت "إن المحكمة الجنائية الدولية - باعتبارها الأولى والوحيدة في العالم - هي عنصر أساسي في هيكل السلام والأمن الدولي؛ لذلك ندعو جميع الدول إلى ضمان التعاون الكامل مع المحكمة حتى تتمكن من تنفيذ ولايتها المهمة المتمثلة في ضمان.
وشددت 93 دولة على أن: "العدالة المتساوية لجميع ضحايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان، وهي جرائم خطيرة تهدد السلام والأمن والرفاهية في العالم".
وتمت صياغة البيان الداعم للمحكمة الجنائية الدولية من قبل خمس من الدول الأعضاء في المحكمة - بلجيكا وتشيلي والأردن والسنغال وسلوفينيا - وتم تقديمه إلى بقية الدول الأطراف في المحكمة الأسبوع الماضي للموافقة عليه.
ونقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن مصدر دبلوماسي مطلع على الجهود، إن ما تم الكشف عنه بشأن عمليات المخابرات الإسرائيلية ضد المحكمة الجنائية الدولية، "فتح أعين الكثير من الدبلوماسيين حقًا، وجعل البعض يدرك أن الوقت قد حان لإصدار بيان ما من الدول التي تنتمي إلى المحكمة للرد على ما ظهر الآن".
وقبل أسبوع، أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، كما يفرض عقوبات على المحكمة إذا حققت أو حاكمت أشخاصا محميين من واشنطن أو حلفائها.
وجاء ذلك بعد إصدار المحكمة أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أعلن قبل نحو أسبوعين أنه قدّم طلبات إلى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال بِتُهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية فيما يتعلق بالحرب في غزة وهجوم 7 أكتوبر الماضي.
وقال خان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت يتحملان المسؤولية عن الجرائم ضد الإنسانية في غزة، وأضاف أن الأدلة خلصت إلى أن مسؤولين إسرائيليين حرموا بشكل ممنهج فلسطينيين من أساسيات الحياة، وأن نتنياهو وجالانت متواطئان في التسبب بمعاناة وتجويع المدنيين في قطاع غزة.
ورغم أن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، فإن مسؤولين أمريكيين عبّروا عن الغضب من توجه المحكمة، خاصة أنها المرة الأولى التي تسعى فيها لمحاكمة حليف لواشنطن.
وكانت " الجارديان" قد نشرت تحقيقا أواخر شهر مايو، كشف كيف أدارت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية "حربًا" سرية ضد المحكمة الجنائية الدولية لعقد من الزمن.
ونشرت الدولة العبرية وكالاتها الاستخباراتية للمراقبة والاختراق والضغط وتشويه السمعة وتهديد كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية في محاولة لعرقلة تحقيقات المحكمة، وفقا لـ "الجارديان".
وذكر التقرير أن المخابرات الإسرائيلية، نجحت في مراقبة اتصالات العديد من مسؤولي الجنائية الدولية، من بينهم خان، وسلفه الغامبية فاتو بنسودا، واعترضت المكالمات الهاتفية والرسائل ورسائل البريد الإلكتروني والوثائق.
ولم تتوقف هذه الممارسات، بل استمرت خلال الأشهر الأخيرة، مما سمح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يعرف مسبقا نوايا المدعي العام كريم خان.