تتجه الأنظار نحو مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إذ تسعى الولايات المتحدة لتنفيذ إصلاحات تاريخية تهدف إلى تعديل هيكلة وتمثيل دول جديدة فيه، لكن هذه الخطوة تتجاوز مجرد إصلاح بيروقراطي، إذ ترتبط بمصالح أمريكية أوسع، لا سيما دعم إسرائيل على الساحة الدولية.
فكيف يمكن لهذا التعديل أن يؤثر على ميزان القوى داخل المجلس؟ وما دوافع الولايات المتحدة لهذه الخطوة؟
إضافة مقاعد وتمثيل جديد
قدمت الولايات المتحدة رسميًا مقترحًا لإصلاح مجلس الأمن يتضمن إضافة مقعدين دائمين للدول الإفريقية، ومقعد متناوب للدول الجزرية الصغيرة، وهي تمثل 39 دولة من أكثر السكان ضعفًا وتهميشًا على هذا الكوكب، إذ تواجه مجموعة فريدة من التحديات.
وتأتي هذه المبادرة في إطار محاولات الولايات المتحدة لتعزيز التمثيل الإقليمي في المجلس وتلبية مطالب الدول الإفريقية والجزرية بتمثيل أكبر، لكن خلف هذا الاقتراح، تبرز دوافع أخرى للولايات المتحدة، منها تعزيز العلاقات مع دول القارة الإفريقية ودول المحيط الهادئ، التي تعد حيوية في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد.
دور إسرائيل في خطة الإصلاح
تُعد إسرائيل جزءًا مهمًا من التحركات الأمريكية في هذا السياق، إذ عانت طويلًا من قرارات مجلس الأمن التي تصفها بأنها "أحادية الجانب" والموجهة ضدها.
وأكدت ليندا توماس جرينفيلد، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، خلال مؤتمر صحفي في نيويورك، أن الخطة تهدف أيضًا إلى تصحيح التحيز ضد إسرائيل في الأمم المتحدة.
ومنذ 7 أكتوبر، واجهت الولايات المتحدة انتقادات من دول إفريقية بسبب دعمها لإسرائيل، وبالتالي، فإن الإصلاح يهدف إلى إعادة بناء تلك العلاقات مع دول إفريقيا والمحيط الهادئ.
تحفظات على حق الفيتو
رغم أهمية هذا الإصلاح، فإنه لا يشمل تغييرًا في حق النقض "الفيتو"، الذي تتمتع به الدول الخمس الكبرى، وهي روسيا، الصين، فرنسا، الولايات المتحدة، وبريطانيا.
ورغم أن إضافة دول من إفريقيا والجزر قد يغير بعض التوازنات في المجلس، إلا أن العديد من الدبلوماسيين يشككون في أن الدول الحالية ستتنازل عن سلطاتها بسهولة.
وأعرب داني دانون، السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، عن دعمه للإصلاح الأمريكي، لكنه أبدى شكوكه حول إمكان تنفيذه فعليًا في ظل مقاومة الدول الكبرى لتغيير البنية القائمة.
تاريخ وتحديات سابقة
منذ تأسيس الأمم المتحدة في عام 1945، مر مجلس الأمن بتغيير وحيد، عام 1965، إذ ارتفع عدد أعضائه من 11 إلى 15 دولة، مع احتفاظ الدول الخمس الكبرى بحق النقض، إذا تم تنفيذ الإصلاح الأمريكي، فسيكون ذلك أول تغيير جوهري في هيكل المجلس منذ ذلك الحين.
ولكن العقبات التي تواجه أي محاولة لإصلاح مجلس الأمن لا تزال كبيرة، أهمها عدم رغبة الدول الكبرى في تقليص سلطاتها وتعديل هيكل المجلس.
تحديات مستقبلية
في المؤتمر الصحفي، أشارت جرينفيلد إلى مشكلة تركز الاهتمام غير العادل على إسرائيل في الأمم المتحدة، مؤكدة أن هذا الوضع يثير القلق لدى واشنطن، وقالت: "لا توجد دولة أخرى في العالم تتلقى هذا الكم من التركيز الشهري على جدول أعمال المجلس".
وفي السياق ذاته، رحب الوفد الإسرائيلي بمشاركة الولايات المتحدة في هذه القضية، مشيرين إلى أن إصلاح مجلس الأمن قد يسهم في تحسين تعامل المجلس مع إسرائيل وتخفيف الضغوط السياسية عليها.
وبينما تسعى الولايات المتحدة لتحديث مجلس الأمن، تظل التحديات كبيرة في ظل عدم رغبة الدول الكبرى في التخلي عن صلاحياتها، إلا أن هذه المبادرة تفتح بابًا جديدًا نحو توازن أكبر في تمثيل الدول على الساحة الدولية، وتكون خطوة في اتجاه تحسين موقف إسرائيل داخل الأمم المتحدة. فهل سيكون هذا الإصلاح التاريخي نقطة تحول في السياسات الدولية؟