في الأسبوع الماضي، صُدم عالم كرة القدم الإيطالية بعد مقتل زعيم الألتراس لفريق إنتر ميلان، أنطونيو بالوكو، على يد أقرب أصدقائه ومساعده، أندريا بيرثا. هذه الجريمة الدموية التي وقعت بين اثنين من أكثر الشخصيات نفوذًا في مجتمع المشجعين ألقت الضوء على العلاقات المظلمة بين عالم كرة القدم والجريمة المنظمة في إيطاليا.
تفاصيل الجريمة
وحسب صحيفة "كورييري دي لا سيرا" الإيطالية، فإن التحقيقات الأولية تشير إلى نشوب شجار بين بالوكو وبيرثا في السيارة انتهى بإطلاق النار من بالوكو على ساق بيرثا، وفي ردة فعل عنيفة، قام بيرثا بقطع رقبة صديقه بسكين.
وما جعل هذه الجريمة صادمة هو العلاقة الوثيقة بين القتيل والقاتل، حيث كان كلاهما يترأس جماهير "المدرج الشمالي" لنادي إنتر ميلان، وشكّلا معًا قوى ضاغطة داخل النادي، بحسب الصحيفة.
جريمة منظمة
كشفت هذه الجريمة النقاب عن مدى تغلغل الجريمة المنظمة في عالم الألتراس، ليس فقط في إنتر ميلان، بل عبر مدينة ميلانو بأكملها، تُعد عائلة بالوكو جزءًا من منظمة "أندرجانتا" الإجرامية القوية، التي تسيطر على شبكات تهريب المخدرات والابتزاز في إيطاليا وأوروبا.
وهاجرت عائلة بالوكو إلى ميلانو، واستطاع أنطونيو، بفضل نفوذه بين جماهير النادي، أن يصعد إلى رئاسة الألتراس، لكن ماضيه الإجرامي لاحقه، حيث كان قد قضى فترة في السجن سابقًا، وفقًا للصحيفة.
تكرار الجرائم
لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها في تاريخ ألتراس إنتر ميلان، فقبل عامين، تم اغتيال زعيم الألتراس السابق فيتوريو بايوكي، وهو "شخصية سيئة السمعة" قضى 26 عامًا في السجن، لم تُحل تلك الجريمة حتى الآن، وكان هناك تكهنات بأنها مرتبطة أيضًا بالصراعات داخل الجريمة المنظمة.
وعلى الرغم من التنافس الشديد بين جماهير ميلان وإنتر، كشفت التحقيقات أن هناك احترامًا وتعاونًا مشتركًا بين الألتراس في كلا الفريقين عندما يتعلق الأمر بالمصالح المشتركة.
وأشارت الشرطة إلى أن مشجعي الفريقين يعملون معًا في تجارة المخدرات وغسيل الأموال، ويتحكمون في مواقف السيارات المحيطة بملعب "سان سيرو"، وبينما يشهد الملعب مواجهات تقليدية خلال مباريات الديربي، إلا أن التنظيم خلف الكواليس يضمن ألا تتجاوز التوترات الحد المتفق عليه بين الجماهير.
تغلغل المافيا
أفادت صحيفة "كورييري دي لا سيرا" بأن الجريمة المنظمة ليست فقط متغلغلة في ملاعب ميلانو، بل تمتد إلى المناطق المحيطة، حيث تشارك عصابات من كالابريا ونابولي وصقلية في تجارة المخدرات وابتزاز الأموال.
أحد أبرز الشخصيات المتورطة هو لوكا لوتشي، زعيم الألتراس في ميلان، الذي يرتبط بعلاقات قوية مع زعيم حزب "الرابطة" اليميني المتطرف، ماتيو سالفيني، وتُظهر هذه الروابط مدى تعقيد العلاقات بين السياسة والجريمة المنظمة وكرة القدم في إيطاليا.
ديربي ميلانو وقواعد الجريمة
وليست جريمة قتل بالوكو سوى جزء صغير من شبكة معقدة تربط كرة القدم بالجريمة المنظمة في إيطاليا، في حين أن المنافسة العلنية بين جماهير ميلان وإنتر مستمرة، إلا أن الحقيقة المرة تكمن في التعاون السري بين مشجعي الفريقين في عالم الجريمة، بحسب الصحيفة.
وبينما يستمر العنف والتلاعب في خلفيات الملاعب، يظل ديربي ميلانو رمزًا للعلاقات المزدوجة بين التنافس الرياضي والجريمة المنظمة في إيطاليا.
وذكرت الصحيفة أن هذه الأحداث تعكس الصورة المظلمة لعالم كرة القدم الإيطالية، حيث تمتزج الرياضة بالإجرام في معادلة تعقد الأمور بشكل غير متوقع، وتلقي بظلال من الشك حول سلامة الرياضة وعلاقتها بالمافيا.