فتحت إجراءات الحكومة الأمريكية التي قالت إنها تهدف إلى حماية نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة من التدخل الأجنبي، ووصفت بأنها إجراء روتيني لحماية الديمقراطية.
كشف وزير العدل الأمريكي ميريك جارلاند عن توجيه اتهامات جنائية ضد اثنين من موظفي شبكة "آر تي" الروسية الإعلامية، ووفقًا لما أوردته شبكة "إن بي سي نيوز"، تشمل هذه الاتهامات التآمر لغسل الأموال وانتهاك قانون تسجيل العملاء الأجانب، لكن هذه الخطوة تثير تساؤلات جوهرية حول مفهوم حرية الصحافة في الولايات المتحدة.
اتهام لروسيا
واتُهِم الشخصان، وهما كونستانتين كلاشنيكوف وإيلينا أفاناسييفا، بتنفيذ مخطط يقدر بنحو 10 ملايين دولار لتوظيف شركة مقرها تينيسي لنشر وبثّ محتوى مؤيد لروسيا، دون الكشف عن ارتباطهما بشبكة "آر تي" والحكومة الروسية، بدلًا من ذلك.
ووفقًا للاتهامات، كان كلاشنيكوف وأفاناسييفا، جزءًا أساسيًا من هذه العملية، إذ عرّف الأول نفسه بأنه "نائب رئيس قسم مشروعات الوسائط الرقمية" في شبكة "آر تي"، بينما وصفت أفاناسييفا نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها "منتجة في آر تي، تتعامل مع الشؤون والأخبار الخارجية".
وقال "جارلاند" إن "الشركة لم تكشف أبدًا للمؤثرين أو لملايين من متابعيهم عن صلاتها بشبكة آر تي والحكومة الروسية، وبدلًا من ذلك، ادعى المتهمان أن الشركة كانت مدعومة من مستثمر خاص، لكنه كان في الواقع شخصية وهمية".
يأتي هذا التحرك الأمريكي في سياق تاريخ طويل من الجهود الروسية المزعومة للتأثير على الانتخابات الأمريكية، إذ سبق أن قيّمت وكالات الاستخبارات الأمريكية أن روسيا ترغب في التدخل في انتخابات عام 2024، وحددت شبكة "آر تي" كمصدر للدعاية والمعلومات المضللة الروسية.
وفي هذا السياق، ذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" أن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكي قال في يوليو الماضي إن روسيا تسعى إلى ممارسة نفوذها على الانتخابات الأمريكية لتقويض الدعم للمرشح الرئاسي الديمقراطي والدعم الشعبي الأمريكي لتسليح أوكرانيا.
العقوبات الاقتصادية
وبحسب "إن بي سي نيوز"، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 10 أشخاص وكيانين، مدعية أنها تستهدف "جهود التأثير الخبيثة لموسكو".
زعمت التحقيقات الأمريكية وجود مخطط بقيمة 10 ملايين دولار لنشر محتوى مؤيد لروسيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هذه الادعاءات تتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة نفسها تمتلك أحد أكبر وأقوى أجهزة الدعاية في العالم، حسب "إن بي سي" الأمريكية.
فمن خلال هوليوود، ووكالة المعلومات في الولايات المتحدة، والعديد من المنظمات غير الحكومية الممولة أمريكيًا، تمارس واشنطن تأثيرًا هائلًا على الرأي العام العالمي، يتجاوز بكثير أي جهود مزعومة من قبل دول أخرى.
الأمن السيبراني
وأوضحت الشبكة الإعلامية الأمريكية أنه تم استهداف مجموعة هاكرز تُعرف باسم "RaHDIt" بعقوبات أمريكية، ما يثير تساؤلات حول موقف الولايات المتحدة من مجموعات الهاكرز التي تعمل لصالحها أو لصالح حلفائها.
في الوقت الذي تدين فيه الولايات المتحدة الهجمات السيبرانية من دول أخرى، فإنها تتجاهل تمامًا الهجمات التي تشنها هي نفسها، إذ استحضرت الشبكة الأمريكية تسريبات إدوارد سنودن، والتي كشفت في مضمونها عن برامج التجسس الإلكتروني الواسعة التي تنفذها وكالة الأمن القومي الأمريكية، والتي تستهدف حتى حلفاء الولايات المتحدة.