الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

محسنة توفيق.. "بهية الفن" الحاضرة في قلوب محبيها

  • مشاركة :
post-title
الفنانة المصرية محسنة توفيق

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

"لو مكنتش بحب الناس مكنتش هعرف أمثل" ربما هذه الكلمات الموجزة التي قالتها الفنانة المصرية الراحلة محسنة توفيق عن نفسها في أحد لقاءاتها التليفزيونية، أفضل تعبير عن ارتباطها بالجمهور ومحبتها الصادقة لهم، فبادلوها حبًا بحب.

كانت الصدفة البحتة وراء دخول الفنانة المصرية محسنة توفيق -التي يمر اليوم ذكرى ميلادها- مجال التمثيل من خلال المسرح المدرسي، إذ قالت عن ذلك في لقائها التليفزيوني: "من العجائب والغرائب عندما كنت جالسة مع صديقة لي أشاهد عرضًا مسرحيًا في المدرسة قلت لها أنا لو كنت مكان البطلة دي كنت هبدع، فسمعني المخرج وقال لي ما رأيك إذا قدمت دور دوبليرة، وبالفعل وقع الاختيار عليَّ بالمسرح المدرسي لأقدم هذا الدور، وبعد أن صعدت إلى خشبة المسرح أعجب مخرج العرض بأدائي فاختارني لأكون بطلة العرض بعد أن كنت دوبليرة لها"، هذه القصة لخّصت بداية رحلة عملها في التمثيل لتصبح من أشهر نجمات جيلها بعد تخرجها في كلية الزراعة في الستينيات.

بهية القوية 

صرخة خرجت من قلب فنانة مؤمنة بما تقدمه، ليكون صدق أدائها سببًا في تلقيبها باسم الشخصية التي قدّمتها، وهذا ما حدث مع القديرة محسنة توفيق التي لقبها الجمهور بـ"بهية" التي قدّمتها في فيلم "عصفور النيل" في السبعينيات مع المخرج العالمي يوسف شاهين، وزاد من شهرتها بهذا الاسم بعد أن قدّم الشاعر أحمد فؤاد نجم خلال أحداث الفيلم أشعاره التي قال فيها "مصر يامة يا بهية".

خرجت محسنة توفيق من قلب أسرة عاشقة للفن، فهي شقيقة الإعلامية الأبرز في الإذاعة المصرية أبلة فضيلة التي ارتبط بها الكبار والصغار، وشقيقتها يسرا توفيق مغنية الأوبرا، ورغم أن محسنة كانت من أبرز نجمات جيلها التي تمتلك قوة شخصية وثقة في نفسها، ما دفع كثيرًا من المنتجين لوضع ثقتهم في منحها أدوارًا صعبة ومحورية لتجيدها باقتدار، ولكنها ظلت في منطقة الدور الثاني الذي تفوقت فيها في كثير من الأحيان على صاحب الدور الأول.

أدوار جادة

اشتهرت محسنة توفيق بتقديم الأدوار الدرامية الجادة، فنبرة صوتها القوية وأداؤها المميز ساعدها في ذلك، فبمجرد أن تطل على الشاشة تشعر كأنها أحد أفراد أسرتك خاصة أنها برعت في تقديم دور الأم والزوجة والأخت المكافحة، وعبَّرت عن الهوية المصرية في كثير من أعمالها، فلا يمكن أن ننسى دورها في مسلسل "المرسى والبحار" مع النجم يحيي الفخراني الذي ختمت به أعمالها في عام 2005.

شخصية هند أبو عزة التي قدَّمتها في أحد مسرحياتها مع عبدالرحمن الشرقاوي هي الأقرب لقلبها، إذ قالت عنها في لقاء تليفزيوني: "هند كانت شخصية حقيقية، فهذا الدور من أقرب الأدوار لقلبي لأنني كنت مبهورة مثل أبناء جيلي بنضال الجزائر، وعندما جاءت فرصتي لتقديم رفيقة جميلة بو حيرد، في مسرحية كتبها عبد الرحمن الشرقاوي وسماها هند، فكنت أشعر أنني جميلة أبو عزة -اسم الشخصية الحقيقي- وبالفعل سافرت للجزائر وقابلت هذه الشخصية في الحقيقة، واكتشفت أن وراءها مأساة حقيقية، فعبَّرت عنها بصدق على خشبة المسرح".

خلاف مع يوسف شاهين

شكّلت محسنة توفيق مع المخرج العالمي يوسف شاهين ثنائيًا مميزًا، إذ قدما عددًا من أشهر الأعمال مثل "إسكندرية ليه، العصفور، الوداع يا بونابورت"، ولكن ثمة خلافًا بينهما أسهم في توتر هذه العلاقة بعد أن كانت ستقدم بطولة أحد أفلامه "اليوم السادس"، ولكنه استبدلها بالنجمة داليدا، إذ قالت عن ذلك في أحد لقاءاتها التليفزيونية: "قهرت عندما رأيت الدور الذي قدمته داليدا معه في الفيلم وقلت له "ليه يا يوسف أنا كنت سأقدمه أحسن منها بشكل استثنائي، لأنني رغم إعجابي بداليدا ولكنها لم تكن تشعر بهذا الدور أثناء تجسيده، فقلت له أنا مش مسمحاك لأنني قمت بعمل بروفات عليه ولكنه استبدلني بداليدا النجمة العالمية، ولكن رغم ذلك يظل أهم شيء في يوسف شاهين إحساسه بالناس البسطاء".

لم تقف محسنة عند مرحلة يوسف شاهين طويلًا، فتعاونت مع المخرج المصري الراحل عاطف الطيب بعدد من الأفلام مثل "البؤساء" و"الزمار"، و"قلب الليل"، كما عملت المخرج المصري الراحل سمير سيف وغيره من المخرجين.

توهج فني

كانت فترتا السبعينيات والثمانينيات تمثلان مرحلة توهج لمحسنة توفيق، إذ قدمت أشهر أعمالها في السينما والتليفزيون ليبلغ رصيدها الفني نحو 80 عملًا فنيًا بين التليفزيون والسينما والإذاعة، وكانت تأثير أدوارها أعمق بكثير من العدد الذي قدَّمته، لتفوز عام 2013 بجائزة الدولة التقديرية تقديرًا لإسهاماتها الطويلة في خدمة الفن بصدق.

غابت محسنة عن الأنظار في آخر سنوات حياتها، وانقطعت عن التمثيل على مدار 14 عامًا من حياتها منذ عام 2005، ورغم رحيلها في عمر الـ79 عامًا في 7 مايو 2019، ولكنها ستظل أدوارها بهيئتها وقوة شخصيتها وأدائها المميز حاضرةً في قلوب وذاكرة جمهورها.