في ظل تصاعد النفوذ السياسي لليمين المتطرف في ألمانيا، دعا المستشار الألماني أولاف شولتس الأحزاب السياسية الرئيسية إلى الاتحاد وتشكيل جدار حماية ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي حقق فوزًا كبيرًا في الانتخابات الإقليمية في ولاية تورينجيا.
هذا الانتصار الانتخابي يمثل أول انتصار كبير لليمين المتطرف في انتخابات برلمان الولاية منذ الحرب العالمية الثانية، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية في البلاد، وفق تقرير لشبكة "بي بي سي".
قلق شولتس
حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" فوزًا كبيرًا في ولاية تورينجيا الشرقية، وحل في المركز الثاني بفارق ضئيل في الانتخابات المحلية في ولاية ساكسونيا المجاورة.
يأتي هذا الفوز وسط تصاعد المخاوف من أن يعزز هذا الحزب الذي يعتبره البعض يمينيًا متطرفًا نفوذه السياسي في البلاد، وقد سبق أن غُرِّم زعيم الحزب في تورينجيا، بيورن هوكه، لاستخدامه شعارات نازية، رغم نفيه علمه بذلك.
وفي ضوء هذه النتائج، وصف شولتس النتائج بأنها "مريرة" و"مقلقة"، وحث الأحزاب الأخرى على تشكيل حكومات مستقرة بدون مشاركة المتطرفين اليمينيين، محذرًا من خطورة السماح لحزب "البديل من أجل ألمانيا" بالحكم.
حزب البديل
ردًا على تصريحات شولتس، دعت أليس فايدل، الزعيمة المشاركة لحزب "البديل من أجل ألمانيا"، الأحزاب السياسية إلى تجاهل دعوة شولتز لتشكيل ائتلافات حكومية بدون حزبها.
ووصفت جدار الحماية المقترح بأنه "غير ديمقراطي"، مؤكدة أن الناخبين في ولايتي تورينجيا وساكسونيا منحوا حزبها "تفويضًا واضحًا للغاية للحكم".
التحديات السياسية المحتملة
رغم فوز حزب "البديل من أجل ألمانيا"، فإنه لن يتمكن من الحكم بدون دعم الأحزاب الأخرى. وقد أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) المحافظ أنه لن يتعاون مع اليمين المتطرف، مما يضعه أمام معضلة البحث عن شركاء سياسيين آخرين لتشكيل حكومة.
هذه الخيارات قد تشمل حزب اليسار المتطرف "دي لينكه" أو حزب "BSW" الشعبوي الذي تقوده سارة فاجينكنيشت، وهو خيار صعب وغير مستساغ بالنسبة للعديد من أعضاء الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
من جهة أخرى، أشار بيورن هوكه، المرشح الأول لحزب "البديل من أجل ألمانيا" في تورينجيا، إلى أن هناك العديد من ناخبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذين قد يفضلون التعاون بين الحزبين، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي.
اليمين المتطرف
أثار فوز حزب "البديل من أجل ألمانيا" قلقًا كبيرًا بين المجتمعات المهاجرة في ألمانيا، فقد وصفت رئيسة المنظمة الاتحادية للجاليات التركية في برلين، أصليهان يشيلكايا يورتباي، نتائج الانتخابات بأنها "صادمة ومخيفة"، مشيرة إلى أن الكثير من الشباب من أصول مهاجرة يفكرون في مغادرة البلاد.
وفي سياق متصل، يسعى حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى وقف إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، وهو موقف تشترك فيه حركة "BSW" بقيادة سارة فاجينكنيشت، ويظل الحزب مستبعدًا من السلطة الحكومية سواء على المستوى الإقليمي أو الوطني، لكن تأثيره المتزايد على الخطاب السياسي بات واضحًا.
التحالفات السياسية
وأدت نتائج الانتخابات الأخيرة إلى تفاقم عدم الاستقرار السياسي في ألمانيا، حيث أصبحت الأحزاب الثلاثة الحاكمة "الاشتراكيين الديمقراطيين- الخضر - الحزب الديمقراطي الحر" تواجه صعوبة في الحفاظ على ائتلافها الحاكم.
ويشير المراقبون إلى أن هذا الوضع قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات داخل الحكومة، مما يزيد من التحديات أمام المستشار شولتس.
وفيما تستعد ولاية براندنبورغ، وهي ثالثة في شرق ألمانيا، للانتخابات في غضون ثلاثة أسابيع، يتصدر حزب "البديل من أجل ألمانيا" استطلاعات الرأي، مما يضع الأحزاب التقليدية في موقف صعب يتطلب تحركات حاسمة.
وتواجه ألمانيا تحديات سياسية غير مسبوقة في ظل صعود اليمين المتطرف وتأثيره المتزايد على الساحة السياسية، وبينما يسعى شولتز إلى بناء جدار حماية ديمقراطي ضد هذا الخطر، تبقى الخيارات المتاحة للأحزاب التقليدية محدودة ومعقدة، مما يزيد من التوترات السياسية ويضع مستقبل الديمقراطية الألمانية على المحك.