في لحظة حساسة تعكس تعقيدات المشهد السياسي والدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن استياءه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منتقدًا ما وصفه بضعف الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن تحرير الأسرى من قطاع غزة ووقف إطلاق النار.
وتأتي تصريحات بايدن في وقت حرج، إذ تزداد الضغوط على كلا الزعيمين لاتخاذ قرارات حاسمة قد تؤثر على مسار الأحداث في المنطقة.
انتقادات بايدن لنتنياهو
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الاثنين: "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يبذل جهودًا كافية للتوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين الإسرائيليين في غزة ووقف إطلاق النار".
وجاءت تصريحات بايدن قبل اجتماع حاسم مع نائبته كامالا هاريس وفريق الأمن القومي لتحديد الاستراتيجية النهائية لدفع الاتفاق قُدمًا.
وفقًا لموقع "أكسيوس"، أبلغ مستشار الأمن القومي جيك سوليفان عائلات المحتجزين الأمريكيين في غزة، أمس الأحد، أن بايدن يدرس تقديم اقتراح نهائي لإسرائيل وحركة حماس لإطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة.
وأكد "بايدن" قبيل اجتماع غرفة العمليات مع فريقه أنه "قريب للغاية" من تقديم هذا الاقتراح النهائي، وعندما سئل بايدن عن جهود نتنياهو، أجاب بوضوح: "لا".
رد إسرائيلي
وحسب "أكسيوس"، قال مسؤول إسرائيلي كبير: "من المحير أن يضغط الرئيس بايدن على رئيس الوزراء نتنياهو، الذي وافق على الاقتراح الأمريكي في وقت مبكر من 31 مايو وعلى الاقتراح الأمريكي الجسري في 16 أغسطس، وليس زعيم حماس يحيى السنوار، الذي لا يزال يرفض بشدة أي اتفاق".
وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن "تصريحات بايدن خطيرة بشكل خاص عندما تأتي بعد أيام فقط من قيام حماس بإعدام ستة محتجزين إسرائيليين، بينهم مواطن أمريكي".
تطورات الوضع على الأرض
وفي الأيام الأخيرة، قُتل ستة محتجزين إسرائيليين في غزة، بينهم المواطن الأمريكي هيرش جولدبرج بولين، وقد انتشل جنود إسرائيليون جثثهم أول أمس السبت، وأظهرت التشريحات أنهم قُتلوا بالرصاص من مسافة قريبة، وقد زعم جيش الاحتلال أنهم قُتلوا على يد حماس، بينما اتهمت الحركة جيش الاحتلال ذاته بالتسبب في مقتلهم لاستكمال مخطط الإبادة، وذلك وفق بيانات رسمية من الطرفين.
وكان من المقرر إطلاق سراح ثلاثة على الأقل من هؤلاء المحتجزين القتلى خلال المرحلة الأولى من الاتفاق المحتمل.
ردود فعل نتنياهو على الانتقادات
وفي سياق آخر، هاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشدة إضراب الهستدروت، الذي تم الإعلان عنه عقب العثور على جثث المحتجزين، واصفًا الإضراب بأنه "عار" واتهمه بدعم حركة حماس بطريقة غير مباشرة.
وتعكس التسريبات الأخيرة من جلسة مجلس الوزراء الإسرائيلي استمرار الخلافات داخل الحكومة بشأن قضية المحتجزين، حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن حياة المحتجزين هي الأهم، مطالبًا بضرورة الإسراع في اتخاذ قرار بشأنهم، مشيرًا إلى أن الوقت ليس في صالح إسرائيل إذا أرادت استعادة المحتجزين أحياء.
مظاهرات واحتجاجات
وفي تطور ميداني، تجمع متظاهرون إسرائيليون أمام مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة، معبرين عن غضبهم مما يرونه تخليًا من الحكومة عن المحتجزين في غزة.
وتطورت تلك التظاهرات إلى جموع غفيرة وصلت إلى نحو 700 ألف شخص مع أعمال شغب وفوضى واعتقالات للمتظاهرين، يطالبون نتنياهو بتحمل مسؤولية الفشل في استعادة المحتجزين أحيًا، داعين إياه إلى اتخاذ كل الإجراءات الممكنة لاستعادة المتبقين منهم.
وفي خضم التوترات والضغوط المتزايدة، يبقى مصير المحتجزين في غزة عالقًا بين التصريحات والقرارات السياسية، وبينما يواصل بايدن الضغط على نتنياهو لاتخاذ خطوات جادة نحو اتفاق شامل، تواجه الحكومة الإسرائيلية تحديات داخلية وخارجية قد تعرقل أي تقدم ملموس في هذا الملف الحساس.