في تطور متسارع للاحتجاجات ضد سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في غزة، شهدت إسرائيل، اليوم الاثنين، إضرابًا عامًا واسع النطاق أدى إلى شلل شبه تام في مختلف مناحي الحياة؛ للضغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين في قطاع غزة.
حركة الطيران والنقل
ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، أثّر هذا الإضراب بشكل كبير على حركة الطيران في إسرائيل، إذ أفادت هيئة المطارات الإسرائيلية بتأخر مغادرة الرحلات الجوية لمدة لا تقل عن ساعتين، مع استئناف بعض الرحلات بعد الساعة العاشرة صباحًا.
ومع ذلك، صرّح متحدث باسم نقابة العمال بأنهم سيحاولون تمديد فترة الإغلاق.
وامتد تأثير الإضراب ليشمل وسائل النقل العام، حيث تم إغلاق أنظمة القطارات الخفيفة في تل أبيب صباح اليوم، كما شهدت الشوارع في تل أبيب إغلاقات جزئية بسبب المتظاهرين الذين قاموا بسد الطرق، في حين اصطف آخرون على جسور الطرق السريعة في جميع أنحاء البلاد، بحسب الصحيفة.
الخدمات الأساسية والقطاع التجاري
لم يقتصر تأثير الإضراب على قطاع النقل فحسب، بل امتد ليشمل العديد من القطاعات الحيوية الأخرى، إذ أدت إضرابات الأطباء والممرضات إلى تقييد خدمات بعض المستشفيات لتقتصر على الحالات الطارئة فقط، كما أغلقت بعض البنوك والمراكز التجارية الكبرى أبوابها.
وفي قطاع التعليم، تم إغلاق أو تأخير افتتاح المدارس والجامعات في معظم أنحاء البلاد، ما أثر بشكل كبير على الحياة اليومية للطلاب وأولياء الأمور.
دوافع الإضراب
يأتي هذا الإضراب الشامل في أعقاب تصاعد الغضب الشعبي ضد الحكومة، خاصة بعد استعادة جثث ستة محتجزين قتلى في غزة يوم السبت.
وقد ألقى مناصرو ائتلاف أهالي المحتجزين باللوم على نتنياهو، متهمين إياه بالتركيز على الضغط العسكري على حماس بدلاً من التفاوض لإعادة المحتجزين المتبقين إلى ديارهم.
وفي هذا السياق، صرّحت أفيفا سيجل، وهي محتجزة إسرائيلية سابقة لا يزال زوجها كيث "مواطن أمريكي إسرائيلي" محتجزًا في غزة، قائلة: "نحتاج إلى عودة المحتجزين إلى ديارهم من خلال صفقة، لا نحتاج إلى الجيش للبحث عنهم".
ردود الفعل الحكومية والقضائية
لم تمر دعوات الإضراب دون معارضة من قبل الحكومة الإسرائيلية، إذ سارعت الحكومة إلى الطعن في شرعية الإضراب، حيث دعا المتشددون النائب العام إلى اعتبار الإضراب غير قانوني من قبل محكمة العمل الوطنية.
وبالفعل، عقدت المحكمة جلسة طارئة وأصدرت حكمها ضد الإضراب بعد فترة وجيزة.
وجاء في حكم المحكمة: "لم نجد أي حجة اقتصادية في إعلان الإضراب".
وأمرت المحكمة برفع الإضراب (الذي استمر 6 ساعات حتى صدور القرار) بحلول الساعة 2:30 مساءً بالتوقيت المحلي، أي قبل ثلاث ساعات ونصف الساعة من موعد انتهائه المقرر.
انقسام في المواقف والآراء
أظهر الإضراب انقسامًا واضحًا في المواقف داخل المجتمع الإسرائيلي، فبينما التزمت المناطق الأكثر ليبرالية مثل تل أبيب وحيفا بالإضراب، استمرت الحياة بشكل طبيعي في المناطق المحافظة والمؤيدة لليمين. على سبيل المثال، لم تنضم بلدية القدس، التي يرأسها عمدة متحالف مع معسكر نتنياهو السياسي، إلى الإضراب.
وفي تصريح مثير للجدل، اتهم وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش زعيم العمال أرنون بار دافيد بتحقيق "حلم السنوار"، في إشارة إلى زعيم حماس في غزة يحيى السنوار.
وقال سموتريتش في مقابلة إذاعية: "بدلًا من تمثيل العمال الإسرائيليين، فإنه يمثل مصالح حماس".
تأثير وتداعيات
على الرغم من قصر مدة الإضراب بسبب قرار المحكمة، إلا أن تأثيره كان ملموسًا، إذ صرّح أرنون بار-دافيد، رئيس الهستدروت "أكبر اتحاد عمالي في إسرائيل"، بأن النقابات ستمتثل لحكم المحكمة، لكنه اعتبر الإضراب المختصر ناجحًا رغم ذلك.
وقال بار-دافيد في تغريدة له: "على الرغم من المحاولات لصبغ التضامن بألوان سياسية، إلا أن مئات الآلاف من المواطنين قد أسمعوا أصواتهم".
ومن المتوقع أن يكون لهذا الإضراب تداعيات سياسية واجتماعية هامة في الأيام المقبلة، خاصة مع استمرار الضغط الشعبي على الحكومة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين.