حققت القوات الروسية تقدمًا كاسحًا في الأيام الأخيرة، يُنذر بتحقيق موسكو مكاسب أكبر من تلك حققتها أوكرانيا في هجومها عبر الحدود في منطقة كورسك مؤخرًا.
وأصبحت القوات الروسية على بعد بضعة كيلومترات من مدينة "بوكروفسك" الأوكرانية، وهي مركز لوجستي حيوي يستخدمه الجيش الأوكراني.
وتعد المدينة الأوكرانية، التي تحتوي على محطة سكة حديد رئيسية وطرق رئيسية، نقطة إمداد وتعزيز أساسية للقوات الأوكرانية على خط المواجهة الشرقي، بحسب شبكة "بي بي سي".
ويحذر معارضون للحكومة في كييف من أن يكون الجيش الأوكراني أخطأ في حسابات الوضع على الأرض، وأشاروا إلى أن الجيش، بإرساله قوات إلى كورسك بدلًا من تعزيز الخط الأمامي الشرقي، ترك بوكروفسك وغيرها من المدن الأوكرانية المهمة عرضة للخطر.
وفي زيارة إلى الخطوط الأمامية، قال الجنرال أوليكساندر سيرسكي، قائد القوات المسلحة الأوكرانية، إن روسيا تستخدم "كل ما يمكنها تحريكه" في هجومها.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء الماضي، إن "الوضع صعب للغاية".
وحذر الخبير العسكري ميخايلو جيروخوف من الوضع الراهن، قائلًا: "إذا خسرنا بوكروفسك، فإن خط المواجهة بأكمله سوف ينهار".
وتقع بوكروفسك إلى جوار بلدة أخرى؛ هي ميرنوهراد التي كان عدد سكانها قبل الحرب أكثر من 100 ألف نسمة، لكن معظمهم فرّ بسبب الصراع. وتُعد بوكروفسك وميرنوهراد آخر المدن الكبرى الخاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية في منطقة دونيتسك.
وتعتبر معركة بوكروفسك امتدادًا لمعركة أفدييفكا التي خسرتها أوكرانيا في فبراير بعد أشهر من القتال الدامي، وكانت أفدييفكا -التي تقع على بعد نحو 40 كيلومترًا جنوب شرق بوكروفسك- تعد بمثابة حصن يحمي التجمعات السكنية والطرق إلى الغرب منها، ما يساعد على تعزيز وجود أوكرانيا على طول خط المواجهة بأكمله.
وعندما سقطت أخيرًا، تحولت المدينة إلى أنقاض وكانت خسارة فادحة لأوكرانيا. ويعني ذلك أن روسيا قد تبدأ في التركيز على مدينتي بوكروفسك وتشاسيف يار الواقعة على قمة التل، والتي تطل على بعض المدن المهمة التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية في دونيتسك.
وتجري عملية إجلاء جماعي للمدنيين الأوكرانيين من بوكروفسك منذ عدة أسابيع، ويقال إن الآلاف غادروا المدينة بالفعل، وقال الجنرال سيرسكي: "نعمل على تعزيز دفاع قواتنا في أصعب مناطق الجبهة، وتزويد الألوية بكمية كافية من الذخيرة وغيرها من الوسائل المادية والتقنية".
وتعُدُ روسيا بوكروفسك أحد أهدافها الرئيسية منذ وقت طويل، وعلى مدى أشهر ظلت قواتها تتقدم نحوها ببطء.
ويرى خبراء أن موسكو نشرت نحو ثلث مجموعتها العسكرية المركزية، أو نحو 30 ألف جندي، من أجل تنفيذ هذا الهجوم، بالإضافة إلى احتياطياتها الأكثر جاهزية للمعركة.
واستولت القوات الروسية على بلدة نوفوهروديفكا الأوكرانية هذا الأسبوع، ما أثار غضب البعض في أوكرانيا بعد أن رجحوا أنه كان ينبغي على الجيش الدفاع عنها بشكل أفضل.
وقال معهد دراسات الحرب في واشنطن: "من المرجح أن القيادة الأوكرانية اعتبرت أن الدفاع عن نوفوهروديفكا لا يستحق الخسائر المحتملة".
وفي مناطق أخرى، شنت القوات الروسية هجمات على بلدة سيلدوف، جنوب نوفوهروديفكا، وأماكن أخرى في منطقة دونيتسك القريبة.
في نفس الوقت، تباطأ تقدم الهجوم التاريخي عبر الحدود في أوكرانيا إلى حدٍ كبيرٍ الأسبوع الماضي.
ويبلغ عدد سكان سودجا -وهي أكبر مستوطنة استولت عليها أوكرانيا داخل روسيا- نحو 5000 نسمة أي أقل بثلاث مرات من عدد سكان نوفوهروديفكا، وهي المستوطنة التي استولت عليها روسيا في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وقال القائد العام الأوكراني، الثلاثاء الماضي، إن قوات بلاده استولت على 1294 كيلومترًا مربعًا من الأراضي داخل كورسك، بما في ذلك 100 مستوطنة، وأسرت 594 جنديًا روسيًا في هذه العملية.
وقال "سيرسكي"، الثلاثاء الماضي: "كان أحد أهداف العملية العسكرية في اتجاه كورسك هو تحويل اهتمام الجزء الأكبر من القوات الروسية من اتجاهات أخرى، من اتجاهي بوكروفسك وكوراخوفي تحديدًا".
لكن يبدو أن القوات الأوكرانية فشلت في تحقيق هذا الهدف، إذ لم يُعاد نشر القوات الروسية من خط المواجهة في بوكروفسك. بل على العكس من ذلك، تم تعزيزهم بقوات إضافية، مما أدى إلى الإسراع من وتيرة تقدمهم.