يصادف اليوم الأحد، الأول من سبتمبر، الذكرى الـ85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية، عندما قرر الزعيم النازي أدول هتلر، غزو بولندا فجرًا.
وبعدها بيومين، في تاريخ 3 سبتمبر 1939، أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا النازية، لتبدأ أحداث غيرت مجرى التاريخ للأبد.
وكان "هتلر" طالب بولندا، بالسماح للألمان المقيمين في المناطق البولندية الحدودية، ذوي "العرق الألماني"، بأحقية التصويت على الانفصال والانضمام إلى ألمانيا.
ومع رفض بولندا، بدأت القوات الألمانية بالدخول إلى بولندا، متجاهلة التحذيرات البريطانية.
ووصلت القوات الألمانية إلى العاصمة وارسو، بينما غادرت الحكومة البولندية. واحتلت ألمانيا بولندا الغربية والوسطى، بينما دخلت قوات الاتحاد السوفييتي واحتلت بولندا الشرقية، بالاتفاق مع ألمانيا. وبعدها، عزم هتلر على الدخول إلى فرنسا، في عام 1940، وتوالت أحداث الحرب العالمية الثانية.
وتتزامن الذكرى الـ85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية، مع توترات دولية متصاعدة، العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة والضفة الغربية المحتلة، والتوترات المتزايدة في جبهات متعددة مثل لبنان والعراق واليمن وسوريا، بالإضافة إلى التصعيد المستمر بين روسيا وأوكرانيا، وكلها عوامل تثير القلق بشأن إمكانية نشوب صراع أوسع نطاقًا.
وهناك عدة مؤشرات على احتمالية اندلاع حرب عالمية ثالثة، يأتي في مقدمها التدخلات العسكرية المعقدة، حيث الصراع في أوكرانيا، الذي يشهد مواجهة بين روسيا ودول حلف شمال الأطلسي "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة، يعكس تصاعد الاستقطاب بين القوى الكبرى، وهذا الوضع يشبه إلى حد كبير التوازنات الهشة قبل الحرب العالمية الثانية، حيث كانت التحالفات العسكرية تُبنى استعدادًا لمواجهة شاملة.
والعامل التالي والمتمثل في انتشار النزاعات الإقليمية؛ حيث الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قد تمتد بسهولة لتشمل دولًا إقليمية أخرى، مثل لبنان واليمن وإيران وربما العراق، هذه الدول ليست فقط قوى إقليمية بل لها أيضًا روابط تحالف مع قوى عالمية مثل روسيا والصين، ما يمكن أن يحول النزاع الإقليمي إلى صراع دولي.
أما العامل الثالث فيرجع إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فكما هو معلوم فإن الحرب العالمية الثانية جاءت بعد أزمة اقتصادية كبرى ضربت العالم (الكساد الكبير)، واليوم نحن نشهد أزمات اقتصادية مستفحلة بسبب جائحة كوفيد-19، وارتفاع الأسعار، وتزايد الفقر وعدم الاستقرار الاجتماعي، وهي عوامل يمكن أن تسهم في تأجيج النزاعات.
العامل الرابع يتأتى من سباق التسلح والتكنولوجيا العسكرية، فالتطور السريع في التكنولوجيا العسكرية، بما في ذلك الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية والتقنيات السيبرانية، يزيد من خطر وقوع حروب مدمرة، قد تكون عواقبها أشد فتكًا من أي حرب سابقة.
كذلك يأتي الفشل الدبلوماسي وضعف بل وتفكك المؤسسات الدولية كأحد العوامل التي تدعم احتمالية اندلاع الحرب العالمية الثالثة، حيث إن الأمم المتحدة، التي أُنشئت للحفاظ على السلام العالمي، تجد نفسها اليوم عاجزة عن حل النزاعات الكبرى. هذا الضعف في المؤسسات الدولية يزيد من احتمالية اندلاع صراع كبير.
لكن هناك اختلافات كبيرة، تتمثل بداية في الوعي الجماعي العالمي بمخاطر الحروب النووية والتدمير الشامل والذي أصبح أعلى اليوم بكثير مما كان عليه في الثلاثينيات والأربعينيات، كما أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين الدول يشكل عائقًا كبيرًا أمام الانزلاق نحو حرب عالمية شاملة.