حذّر الخبراء السياسيون كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس الأمريكي، من الانخداع بالتقدم في استطلاعات الرأي، وتفادي الخطأ الذي وقعت فيه المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون عام 2016.
ونقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، عن ديفيد تاونلي، الذي يُدرس السياسة الأمريكية في جامعة "بورتسموث"، نائب رئيس مجموعة السياسة الأمريكية في المملكة المتحدة، إن حملة هاريس اكتسبت زخمًا ويمكنها الحفاظ عليه من خلال أداء قوي في المناظرة المقبلة أمام المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، وحملات نشطة.
وقال ديفيد: "إن انسحاب الرئيس جو بايدن، وترشيح هاريس، واختيار والز كمرشح لمنصب نائب الرئيس، أعطى كل الزخم للديمقراطيين، لقد سيطروا على الصحافة، وهذا أزعج ترامب، الذي أدى اختياره لجيه دي فانس كمرشح لمنصب نائب الرئيس إلى نتائج عكسية بشكل كبير".
وأضاف: "إذا تمكنت هاريس من تقديم أداء جيد في المناظرة التي ستُعقد بفيلادلفيا، 10 سبتمبر، فقد تتمكن من تعزيز موقفها، لكن يتعين عليها أن تتجنب ارتكاب نفس الخطأ الذي ارتكبته كلينتون عام 2016، وأن تواصل حملتها بقوة على مدى الأيام الـ80 المقبلة، وإذا تمكنت هي ووالز من الحفاظ على الطاقة التي أظهرتها على مدى الأسابيع القليلة الماضية، فقد يطول أمد بقاء الديمقراطيين في البيت الأبيض أربع سنوات أخرى"، بحسب المجلة الأمريكية.
وأثبتت هاريس نفسها بسرعة باعتبارها المرشحة الرئاسية المفترضة للحزب الديمقراطي بعد أن أعلن الرئيس جو بايدن، انسحابه من السباق، 21 يوليو الماضي، وأيد هاريس.
هاريس تتفوق على غريمها
وواصلت هاريس التفوق على غريمها الجمهوري ترامب، في أكثر من 12 استطلاعًا للرأي، وأصبحت لفترة من الوقت المرشحة المفضلة للفوز في انتخابات نوفمبر مع عدد من كبار وكلاء المراهنات.
ومع ذلك، تعرضت هاريس لعدد من الضربات، خلال الأيام القليلة الماضية، والخميس الماضي، طرحت شركات المراهنات احتمالات أكثر ملاءمة لفوز ترامب بالرئاسة. كما أظهر استطلاع رأي أُجري في خمس ولايات متأرجحة، أن هاريس إما متعادلة مع ترامب، أو خلفه، وفقًا لـ"نيوزويك".
وفي إطار ذلك الاستطلاع، تم سؤال 600 ناخب محتمل في كل من ولايات أريزونا وميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن وكارولينا الشمالية، ووجد الاستطلاع أن ترامب يتقدم على هاريس في ولايتي أريزونا وبنسلفانيا، بنسبة 1 و2 نقطة مئوية على التوالي، بينما تعادلا في ولايات ميتشيجان وكارولينا الشمالية وويسكونسن.
وفي عام 2020، فاز بايدن بولايات أريزونا وميتشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن، على الرغم من خسارته بفارق ضئيل في ولاية كارولينا الشمالية.
وأمس الأول الجمعة، علق المرشح المستقل روبرت كينيدي، حملته الانتخابية وأعلن تأييده لترامب. وأظهر تحليل لاستطلاعات الرأي الأخيرة التي أجراها موقع الانتخابات "ريس تو ذا وايت هاوس" أن انسحاب كينيدي قد يكون كافيًا لإعطاء ترامب النصر في ولايتي كارولينا الشمالية ونيفادا، بسبب قواعد الدعم المتداخلة فيهما.
وحتى الجمعة، كان موقع تجميع استطلاعات الرأي "فايف ثيرتي أيت" يظهر أن هاريس تتقدم على ترامب بفارق 3.5 نقطة بنسبة 47.2% مقابل 43.7%، بينما جاء كينيدي في المركز الثالث بنسبة 4.4%، وفقًا لـ"نيوزويك".
ونقلت المجلة عن توماس جفت، الذي يرأس مركز السياسة الأمريكية في جامعة لندن: "كانت هاريس تستمتع بالإطراء والتغطية الإعلامية الإيجابية لأسابيع، ولكن شهر العسل الخاص بها سينتهي. شهر العسل ينتهي دائمًا. وبمجرد إجبارها على تحديد سياسات محددة، سيتذكر الأمريكيون لماذا تم تصنيف هاريس كواحدة من أكثر أعضاء مجلس الشيوخ ليبرالية في الكونجرس. سجلها والعديد من مقترحاتها السياسية الحالية، ربما تكون بعيدة إلى اليسار من متوسط آراء الناخبين الأمريكيين".
وقال مارك شانهان، الذي يدرس السياسة الأمريكية في جامعة ساري بالمملكة المتحدة، إن خطاب هاريس في المؤتمر الوطني الديمقراطي من المرجح أن "يمدد فترة شهر العسل حتى الأسبوع المقبل".
سباق متقارب للغاية
ووصف شانهان السباق الرئاسي بين هاريس وترامب بأنه "متقارب للغاية"، لكنه توقع أن تحصل هاريس على دفعة من خطاب قبول ترشيحها، عندما حثت الناخبين على مساعدتها في "كتابة الفصل العظيم القادم في أعظم قصة تم سردها على الإطلاق".
وقال: "إن هذه هي السباقات هي الأكثر تقاربا في الوقت الحالي. ومن المرجح أن يؤدي خطاب هاريس العاطفي والمركّز أمام المؤتمر الوطني الديمقراطي إلى تمديد فترة شهر العسل حتى الأسبوع المقبل، ويؤدي إلى أحدث ارتفاع لها في استطلاعات الرأي".
وتساءل شانهان: "هل تستطيع هاريس أن تحافظ على هذا الشغف والطاقة بعد شيكاغو، وتستمر في جولة لا نهاية لها من الخطب الانتخابية، وكيف سيكون حالها عندما تجلس أخيرًا مع وسائل الإعلام؟"،
وقال: "إن ترامب معروف، وقدرته على إثارة الانقسام تجعله يكسب نوعًا معينًا من الناخبين، مهما قال في تجمعاته الانتخابية، فإنه لا يزال يتمتع بتأييد قوي في استطلاعات الرأي بشأن الاقتصاد والهجرة والجريمة. ويتعين على هاريس أن تغير السرد المتصور، ليس لديها الكثير من الوقت للقيام بذلك، وستكون نقطة التحول الرئيسية هي مناظرة 10 سبتمبر. وأي استطلاعات رأي قبل ذلك لا تحمل أي وزن نسبي".
واتفق كريستوفر فيلبس، المؤرخ للسياسة الأمربكية الحديثة، الذي يدرس في جامعة نوتنجهام، على أن هاريس "من المرجح أن تشهد انتعاشًا بعد ما أسماه "خطاب القبول المنفذ بشكل جيد".
أصوات التجمع الانتخابي تحدد الفائز
ومع ذلك، قال فيلبس لنيوزويك، إن استطلاعات الرأي يمكن أن تعطي انطباعًا مُضللًا لأن أصوات التجمع الانتخابي تحدد الفائز بالانتخابات، إذ تغلب ترامب على هيلاري كلينتون، عام 2016، بفضل هذا النظام على الرغم من حصوله على نحو 3 ملايين صوت أقل.
وأضاف فيلبس: "أن التجمع الانتخابي ما يهم حقًا. هاريس متقدمة في متوسطات استطلاعات الرأي في معظم المنافسات الانتخابية الحاسمة بالولايات، بما في ذلك ميتشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا، في حين أن ولاية أريزونا متقاربة".
وتابع: "على الرغم من أن الانتخابات لم يتبق عليها سوى 73 يومًا، والتصويت بالبريد يبدأ قبل ذلك بكثير، فإن شهري سبتمبر وأكتوبر قد يكونان من الأشهر التي تشهد صراعًا محتدمًا في عالم السياسة. إن المنافسة محتدمة للغاية ومن المرجح أن تظل حتى يوم الانتخابات".