بينما تكافح الحيوانات البرية من أجل التكيف مع التغيرات المناخية التي أحدثها التطور البشري وأطلق الانبعاثات التي سببت الاحتباس الحراري وتسببت في تهديد العديد من الأنواع بالانقراض، بات البشر أنفسهم تهديدًا كبيرًا بالنسبة لها ويشكلون خطرًا كبيرًا على مواطنها الأصلية.
ويرمز مصطلح الحياة البرية إلى كل أشكال الحياة من نباتات وحيوانات، التي لا تعتمد على الإنسان بشكل مباشر حتى تتمكن من العيش، وهي الحياة التي يمكن العثور عليها في جميع النظم البيئية من الصحاري والغابات والسهول والمراعي، ووفقًا لتقرير الصندوق العالمي للحياة البرية انخفض عدد الحيوانات عالميًا بنسبة 52% بين عامي 1970 و2014.
نمو السكان
يتفق معظم العلماء على أن جانبًا كبيرًا من الحياة البرية تأثر بالأنشطة البشرية، وفي دراسة جديدة بحسب الجارديان البريطانية، اكتشف الباحثون أنه على مدى السنوات الـ50 المقبلة، سيتزايد ضغط البشر على الحياة البرية في أكثر من نصف أراضي العالم، ما يهدد التنوع البيولوجي ويزيد من فرصة ظهور الأوبئة في المستقبل.
ويحتل البشر بالفعل ما بين 70% و75% من أراضي العالم، ووجد البحث الجديد أن التداخل بين البشر والحياة البرية من المتوقع أن يزداد في 57% من الأراضي بحلول عام 2070، مدفوعًا بنمو السكان البشريين.
الضغط والتأثير
أكد المشاركون في الدراسة بالولايات المتحدة الأمريكية أنه من المنتظر أن تكون هناك أماكن مثل الغابات، التي لا يسكنها البشر نهائيًا، من المنتظر أن نبدأ في رؤية المزيد من الوجود والأنشطة البشرية والتفاعلات مع الحياة البرية من قبل الإنسان فيها خلال السنوات المقبلة.
وتدريجيًا، بحسب الدراسة سيبدأ الناس في زيادة الضغط والتأثير السلبي على الحياة البرية، وهو أمر يرى العلماء أنه بدأ يتحقق بالفعل منذ عدة سنوات، الذي تمثل واضحًا في فقدان التنوع البيولوجي، أما التداخل الأكبر فيرى العلماء أنه يكمن في انتقال الأمراض والأوبئة بين الطرفين.
التنوع البيولوجي
اعتبر الباحثون أن المحرك الرئيسي لتفشي تلك الأمراض المعدية هو فقدان التنوع البيولوجي، مشيرين إلى أنه يوجد الآن بالفعل 75% من الأمراض لدى البشر تعود إلى الحيوانات منها كوفيد-19، وفيروس إم بي أوكس، وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير، التي رجحوا أنها نشأت في الحياة البرية.
وللتنبؤ بالتداخل المستقبلي بين البشر والحياة البرية، قارن باحثون في جامعة ميشيجان تقديرات الأماكن التي من المرجح أن يسكنها البشر مع مناطق التوزيع المكاني لأكثر من 22 ألف نوع، ووجدوا أن التوسع سيتركز بشكل أكبر في المناطق التي ترتفع فيها بالفعل كثافة السكان البشر، مثل الهند والصين.
صناع السياسات
ستشهد المناطق الزراعية والغابات في إفريقيا وأمريكا الجنوبية زيادات كبيرة في التداخل، ومع ذلك، من المتوقع أن ينخفض التداخل بين الإنسان والحياة البرية في بعض المناطق، بما في ذلك في أكثر من 20% من الأراضي في أوروبا.
ويهدف العلماء من خلال البحث، إرشاد صناع السياسات لتجنب الصراعات بين البشر والحياة البرية والتركيز بشكل أكبر على الحفاظ على ثراء الأنواع، مشيرين إلى أن الحياة البرية في حد ذاتها ليست خطرًا على الحيوانات، لكن السلوك والأنشطة والاتصال البشري السبب.