بعد مشوار طويل في عالم الفن وانحسار الأضواء يجد بعض الفنانين أنفسهم في مراحل العمر المُتقدمة يعيشون في وحدة تامة، الأمر الذي حرصت نقابة المهن التمثيلية المصرية على معالجته ومحاولة رد الجميل والوقوف بجانب هؤلاء الفنانين ودعمهم بافتتاح أول دار رعاية لهم.
اختارت نقابة المهن التمثيلية المصرية اسم "دار القوة الناعمة للرعاية" ليُزين لافتة الدار التي تم افتتاحها اليوم الثلاثاء، وسط اهتمام كبير من الوسط الفني.
توفر الدار السُبل لمعيشة كريمة للنجوم الكبار، وعلى جدرانها صور لفنانين من زمن الفن الجميل، ومنهم عبد السلام النابلسي، عبد الحليم حافظ، نادية لطفي، زينات صدقي وغيرهم ممن أثروا في وجدان المشاهد المصري والعربي.
في البداية حرص د.أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية على تكريم الفنان أشرف عبد الغفور رئيس نقابة المهن التمثيلية السابق، الذي ساهم بشكل كبير في هذا المشروع، كما تم تكريم الفنان المصري محمد أبو داود، موجهًا الشكر لعدد من أعضاء النقابة منهم سامح الصريطي وأيمن عزب وحلمي فودة، معربًا عن فخره بأنه مصري ومن أبناء هذه الأرض الطيبة العظيمة، ولولا الأمن والأمان الذي نعيشه لم يكن ليظهر هذا المشروع للنور، موجهًا التحية للرئيس عبد الفتاح السيسي لأنه بذل مجهودًا كبيرًا تشهده مصر بثورة في تغيير المجتمعات العمرانية، ونحن جزء من هذه الثورة.
وأوضح أشرف زكي أن الكلمات عاجزة عن شكر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الذي يعتبر مصر بلده بالفعل، والشكر للوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور عبد الله العويس، أحمد أبو رحيمة، محمد النصير ، كما وجه التحية لوزارة التضامن الاجتماعي ووزير الإسكان الذي قام بمساعدات كبيرة وقدّم مكانًَا مختلفًا، حيث كان المكان حق انتفاع فقط وبموافقة الرئيس أصبح هذا المكان ملكًا للنقابة.
السر وراء اسم الدار
أما بالنسبة لاسم المشروع "دار القوة الناعمة للرعاية" فيقول "أشرف": تعود قصة التسمية إلى المؤلف المصري عمرو محمود ياسين الذي اقترح الاسم بعد مناقشات كبيرة بيننا"، كما وجّه النقيب الشكر لعدد كبير من الفنانين ومنهم الفنان الراحل هشام سليم، وصابرين، إذ كانت صاحبة فكرة تسمية أول قاعة في الدار باسم هشام لمجهوده الكبير في جلب الأرض التي أقيم عليها المشروع.
بينما قال الدكتور عبد الله محمد العويس، رئيس دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، إنه سعيد بالمشاركة في هذا الحفل الإنساني المهم والكائن في افتتاح دار رعاية لكبار الفنانين، التي تم إنشاؤها بدعم من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
وكشف الفنان أشرف عبد الغفور، الرئيس السابق لنقابة المهن التمثيلية، أنه في إحدى الزيارات لإمارة الشارقة برفقة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب لعرض فكرة المشروع على الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وافق على فكرة المشروع في الحال، موجهًا الشكر له ولكل من ساهم في هذا المشوار الطويل الذي استغرق بين 11 إلى 12 عامًا حتى ينعم كبار الفنانين بجزء من الراحة التي يستحقونها بعد العناء والجهد في مهنة الفن الصعبة للغاية، كما وجه الشكر أيضًا لجميع مجالس نقابة المهن التمثيلية السابقة التي بذلت مجهودًا كبيرًا، حتى المجلس الحالي الذي عانى لتنفيذ هذا الصرح العظيم الذي يشهدون الاحتفال به.
رعاية وكرامة
فيما قالت الفنانة المصرية لقاء سويدان إن دار القوة الناعمة لرعاية كبار الفنانين حلم كبير بدد مخاوف عدد كبير ممن كانوا يتساءلون ماذا سيفعلون بعدما يتقدم بهم العمر ولا يستطيعون العمل؟.. فكيف يكون فنان كبير أفنى عمره كله في الفن وفي النهاية لا يجد مكانًا يذهب له في هذه السن، أو تُقدم له كل وسائل الراحة في المعيشة، وهذا على جميع المستويات وليس على فئة معينة من الفنانين، فهناك نجوم تختفي فجأة الأضواء عنهم ولا يجدوا مكانًا يعيشون فيه لغلو المعيشة وتكالب الديون عليهم.
وأضافت: هذه دار لرعاية كرامة الفنان والحفاظ على آدميته والاطمئنان على أن ينال رعاية محترمة في أيامه الأخيرة، متمنية زيادة عدد الغرف والأدوار وألا تقتصر فقط على 40 غرفة، حتى تسع عددًا كبيرًا من الفنانين الذين لا ينتظرون شيئًا سوى الكلمة الحلوة والتقدير، موجهة الشكر لجميع الفنانين الذين ساهموا في المشروع وللفنان الراحل هشام سليم والفنانة صابرين اللذين جلبا أرض المشروع.
عمل إنساني بمساهمة الفنانين
وترى الفنانة "بسمة" أن هذا المشروع مهم لكل الفنانين، فهناك العديد منهم في آخر أيامهم لا يملكون منزلًا، وبالتالي ستكون الدار هي الرعاية الأنسب لهم حتى لا يحملون هم أي شيء، كما أننا فخورون بافتتاحها، لافتة إلى وجود جهد كبير لظهور هذا المكان للنور.
بينما قالت الفنانة رانيا فريد شوقي إن هذا الحدث مهم للغاية؛ لأن هناك عددًا من الفنانين يشعرون بالمعاناة بسبب بعض الظروف المادية والصحية ويجدون أنفسهم بلا مأوى، وبالتالي تعتبر هذه الدار المُنقذ لهم لما توفره من إمكانيات جيدة، لذا نعتبرها عملًا إنسانيًا ساهم فيه عدد كبير من الفنانين، موجهة الشكر لحاكم الشارقة لمساهمته في بناء هذه الدار، متمنية العناية بها حتى تتطور أكثر وأكثر.
غدر الأيام
وتشير الفنانة أنوشكا إلى أن الدار أضافت روحًا من البهجة على قلوب عدد كبير من الفنانين الذين يخشون غدر الأيام، وماذا سيحدث لهم فيما بعد؟، فهناك من يقدم أعمالًا كثيرة ولكنه يتوقف عن العمل فور إصابته بأي مرض أو أزمة ليتدهور به الحال ويجد نفسه في مأزق دون مأوى في آخر أيامه، وبالتالي واجب نقابة المهن التمثيلية أن توفر له الحماية اللازمة حتى لا يخشى شيئًا ويضمن حياة كريمة.
الأمر نفسه أكده المؤلف عمرو محمود ياسين قائلًا: إن الدار عمل إنساني كبير يحترم الفنان، إذ يحمي الفنان من أن يجد نفسه دون مصدر دخل وقد يُعاني من المرض، دون أن يكون هناك مكان يأويه أو شخص يهتم به، خصوصًا أن هذا الفنان قد يكون عاش فترة من الزمن في رخاء وشهرة واسعة.