أشار تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أن 15 رقمًا قياسيًا للحرارة على مستوى العالم تحطمت منذ بداية هذا العام، مع تزايد وتيرة الظواهر الجوية المتطرفة وتكثيف الانهيار المناخي.
كما تم تحطيم 130 رقمًا قياسيًا إضافيًا لدرجات الحرارة الشهرية في أغلب بلدان العالم، إلى جانب عشرات من درجات الحرارة المرتفعة المحلية المسجلة في محطات الرصد، من القطب الشمالي إلى جنوب المحيط الهادئ، وفقًا لما ذكره ماكسيميليانو هيريرا، مؤرخ المناخ الذي يحتفظ بأرشيف للأحداث المتطرفة.
ونقلت الصحيفة عن هيريرا أن العدد غير المسبوق من الأرقام القياسية في الأشهر الستة الأولى كان مذهلًا "هذا الكم من أحداث الحرارة الشديدة يتجاوز أي شيء رأيناه أو حتى تصورناه من قبل. كانت الأشهر من فبراير 2024 إلى يوليو 2024 هي الأشهر والأكثر تحطيمًا للأرقام القياسية لكل إحصائية".
وتلفت الصحيفة إلى أن الحرارة الشديدة التي شهدناها العام الماضي يمكن أن تُعزى إلى حد كبير إلى مزيج من الاحتباس الحراري بسبب أنشطة الإنسان -الناجم عن حرق الغاز والنفط والفحم والأشجار- وظاهرة "النينيو" الطبيعية، وهي ظاهرة ارتفاع درجة حرارة سطح المحيط الهادئ الاستوائي، التي ترتبط بارتفاع درجات الحرارة في العديد من أجزاء العالم.
ورغم أن ظاهرة "النينيو" بدأت في التلاشي منذ فبراير الماضي، لكن هذا لم يجلب سوى القليل من الراحة "بعيدًا عن التراجع مع نهاية ظاهرة النينيو، فإن الأرقام القياسية تتراجع بوتيرة أسرع بكثير الآن مقارنة بأواخر عام 2023"، حسب هيريرا.
ارتفاعات مخيفة
يلفت التقرير إلى أن العالم يشهد كل يوم اكتشافات جديدة في درجات الحرارة على المستوى المحلي "ففي بعض الأيام تسجل آلاف من محطات الرصد أرقاماً قياسية جديدة لدرجات الحرارة القصوى أو الدنيا الشهرية".
وفي الواقع، يعني ارتفاع درجات الحرارة ليلًا أن الناس والنظم الإيكولوجية لا يجدون الوقت الكافي للتعافي من الحرارة الشديدة. كما حدث في أواخر يوليو الماضي، عندما سجلت منطقة "يويانج" في الصين درجة حرارة غير مسبوقة، بلغت 32 درجة مئوية خلال ساعات الظلام، مع ارتفاع خطير في الرطوبة.
وأكد "هيريرا" أن النطاق الجغرافي للأرقام القياسية الوطنية على مر العصور مذهل؛ حيث وصلت المكسيك مع ذروتها البالغة 52 درجة مئوية في "تيباشي" في 20 يونيو. وعلى الجانب الآخر من العالم، وصل إقليم "جزر كوكوس" الأسترالي مع أعلى مستوى له على الإطلاق عند 32.8 درجة مئوية في 7 أبريل للمرة الثالثة هذا العام.
كما أن مؤرخ المناخ يشير إلى أن أشد درجات الحرارة ضراوة تركزت في المناطق الاستوائية. ففي السابع من يونيو، سجلت مصر أعلى درجة حرارة وطنية بلغت 50.9 درجة مئوية في "أسوان". وقبل ذلك بيومين، بلغت تشاد الرقم القياسي الوطني البالغ 48 درجة مئوية في "فايا".
وفي الأول من مايو الماضي، سجّلت غانا ذروة جديدة بلغت 44.6 درجة مئوية في "نافرونج"، بينما دخلت لاوس منطقة حرارة جديدة بتسجيل 43.7 درجة مئوية في "ثا نجون".
وأكد هيريرا أن المناطق الاستوائية سجلت أرقامًا قياسية كل يوم لمدة 15 شهرًا على التوالي.
ظواهر متطرفة
أخيرًا، أفادت وكالة الرصد المناخية الأوروبية "كوبرنيكوس"، أن شهر يونيو الماضي كان الشهر الثالث عشر على التوالي الذي سجل رقمًا قياسيًا شهريًا في درجات الحرارة، حيث كانت درجات الحرارة أعلى بمقدار 1.5 درجة مئوية عن المتوسط ما قبل الصناعي، ما أدى إلى موجات حر أكثر شدة، وهطول أمطار غزيرة وجفاف.
أيضًا، شهدت الأرض انخفاض في الصفائح الجليدية والجليد البحري والأنهار الجليدية، فضلا عن ارتفاع مستوى سطح البحر المتسارع، وتسخين المحيطات.
وأضافت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية(WMO) أن ما لا يقل عن 10 دول سجلت درجات حرارة أعلى من 50 درجة مئوية حتى الآن هذا العام.
كما لا يبدو أن نهاية هذه الأرقام القياسية غير المرغوب فيها قد تلوح في الأفق، وفقاً لكارلو بونتيمبو، مدير برنامج "كوبرنيكوس".
يقول: "حتى لو انتهت هذه السلسلة المحددة من الظواهر المتطرفة في مرحلة ما، فمن المؤكد أننا سنشهد تحطيم أرقام قياسية جديدة مع استمرار ارتفاع درجة حرارة المناخ. وهذا أمر لا مفر منه ما لم نتوقف عن إضافة الغازات المسببة للانحباس الحراري إلى الغلاف الجوي والمحيطات".
وحتى الآن، ثبت أن الآمال في حدوث انخفاض في درجات الحرارة بعيدة المنال. حيث تشير البيانات الأولية من القمر الصناعي "كوبرنيكوس ERA5" إلى أن يوم 22 يوليو الماضي كان اليوم الأكثر حرارة في تاريخ الأرض المسجل، حيث بلغ متوسط درجة حرارة الهواء السطحي العالمي 17.15 درجة مئوية.