حذّرت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر من أن المملكة المتحدة قد فقدت احترامها للشرطة، في أعقاب موجة الاضطرابات الأخيرة، ما يعكس أزمة عميقة تواجهها بريطانيا، إذ جاء هذا التصريح المثير للجدل في مقال نشرته صحيفة "التليجراف" البريطانية، بعد ما تعهّدت كوبر باستعادة ثقة الجمهور في القانون وسيادته، مشيرة إلى أن النهج المتساهل في تطبيق العدالة أدى إلى انتشار الشعور بأن الجريمة لا تترتب عليها عواقب حقيقية.
تراجع احترام الشرطة
كشفت وزيرة الداخلية البريطانية في مقالها عن عدة أسباب أدت إلى تراجع احترام الشرطة في المجتمع البريطاني، ووفقًا لما نقلته صحيفة "التليجراف"، أشارت "كوبر" إلى أن انخفاض معدلات توجيه الاتهامات وتزايد التأخير في إجراءات المحاكم ساهما بشكل كبير في تفاقم هذه المشكلة.
وأكدت أنها لن تتسامح مع الإساءة والازدراء اللذين أظهرتهما أقلية من المجتمع تجاه رجال ونساء الشرطة، معتبرة أن هذا السلوك يعكس عدم احترام للقانون والنظام الذي سُمح له بالتفشي في السنوات الأخيرة.
وأضافت "كوبر" أن الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها بريطانيا كانت بمثابة "محاولة مخزية للاعتداء على سيادة القانون نفسها"، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لاستعادة احترام الشرطة والقانون، إذ إن هذه الخطوة هي نقطة البداية الأساسية لإعادة بناء المجتمعات المتضررة من أحداث العنف الأخيرة.
خطة الحكومة
في ضوء هذه التحديات، كشفت وزيرة الداخلية البريطانية عن خطة شاملة تهدف إلى استعادة ثقة الجمهور في الشرطة والنظام القضائي، ووفقًا لـ"التليجراف"، تتضمن هذه الخطة عدة إجراءات رئيسية تهدف إلى تعزيز سيادة القانون وإعادة الهيبة لأجهزة إنفاذ القانون.
في مقدمة هذه الإجراءات، أعلنت كوبر عن نية الحكومة زيادة عدد ضباط الشرطة في الأحياء السكنية بشكل كبير.
وأوضحت أن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الوجود الأمني في المجتمعات المحلية وبناء جسور الثقة بين المواطنين ورجال الشرطة، كما أكدت أهمية تسريع وتيرة الاعتقالات والملاحقات القضائية للمتورطين في أعمال الشغب الأخيرة، مشددة على أن هذا الإجراء سيرسل رسالة واضحة مفادها أن الجريمة لن تمر دون عقاب.
إضافة إلى ذلك، تضمنت خطة الحكومة إجراءات لتقليل التأخير في المحاكم، ما من شأنه تسريع عملية تحقيق العدالة وتعزيز ثقة الجمهور في النظام القضائي، وأكدت "كوبر" أن هذه الإجراءات مجتمعة ستساهم في تعزيز احترام القانون من خلال التأكيد أن الجريمة لها عواقب حقيقية وملموسة.
تحديات تواجه الحكومة
رغم الخطط الطموحة التي أعلنتها وزيرة الداخلية، إلا أن الحكومة البريطانية تواجه تحديات كبيرة في تنفيذها، وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن من بين هذه التحديات معالجة مشكلة الأخبار الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي ساهمت بشكل كبير في تأجيج أعمال الشغب الأخيرة، إذ أشارت "التليجراف" إلى أن التقارير الكاذبة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي زعمت أن المشتبه به في حادثة الطعن في ساوثبورت كان لاجئًا مسلمًا وصل إلى المملكة المتحدة عبر قارب صغير، قد ساهمت في تأجيج مشاعر الغضب وأدت إلى اندلاع الاضطرابات.
كما تواجه الحكومة تحديًا آخر يتمثل في التعامل مع قضايا الهجرة وتأثيرها على الخدمات العامة، فقد أشارت الصحيفة إلى أن حزب العمال، الذي تخلى عن خطة رواندا التي وضعها المحافظون في أول يوم له في السلطة، لم يقدم حتى الآن تفاصيل كافية حول كيفية خفض معدلات الهجرة القانونية وغير القانونية.
إضافة إلى ذلك، تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا يتمثل في معالجة التفاوتات الإقليمية، حيث أشارت صحيفة التليجراف إلى أن سبعًا من أصل عشر مناطق تعد الأكثر حرمانًا في إنجلترا قد شهدت اضطرابات، ما يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة لإعادة توجيه الموارد نحو المناطق الأكثر تضررًا لتمويل مشاريع التماسك الاجتماعي.