تسعى بريطانيا لتعليم الأطفال كيفية اكتشاف المحتوى المتطرف والأخبار المزيفة عبر الإنترنت، وذلك في إطار إعادة صياغة المناهج الدراسية، بعد أعمال الشغب التي وقعت الأسبوع الماضي؛ كما أشار تقرير لصحيفة "التليجراف".
وجاء القرار في الوقت الذي تم فيه توجيه اتهامات إلى صبي يبلغ من العمر 13 عامًا، أمس السبت، بالانخراط في الاضطرابات العنيفة في مانشستر.
يأتي ذلك بعد أن أثارت أعمال الشغب نقاشًا جديدًا حول حملة صارمة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تسمح بنشر المحتوى المتطرف على منصاتها.
وينظر مجلس الوزراء البريطاني في إحياء خطط التشريع، التي تخلى عنها حزب المحافظين، والتي من شأنها أن تجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على "إزالة أو قمع المحتوى القانوني ولكن الضار".
وأصرت مصادر في الحكومة البريطانية على أن مثل هذه التدابير، يجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع قدر أكبر من التعليم حول مخاطر الكراهية عبر الإنترنت.
تسليح التلاميذ
نقل التقرير عن وزيرة التعليم، بريدجيت فيليبسون، إن المدارس ستستخدم دروسًا مثل اللغة الإنجليزية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والرياضيات "لتسليح التلاميذ ضد نظريات المؤامرة الفاسدة".
وقالت فيليبسون للصحيفة إن التلاميذ من سن الخامسة سيتم تزويدهم بمهارات التفكير النقدي لتحديد المعلومات المضللة عبر الإنترنت، بموجب الخطط الجديدة "من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نعطي الشباب المعرفة والمهارات اللازمة ليكونوا قادرين على تحدي ما يرونه عبر الإنترنت".
وأضافت: "لهذا السبب، فإن مراجعة مناهجنا سوف تضع خططًا لدمج المهارات النقدية في الدروس لتسليح أطفالنا ضد التضليل والأخبار المزيفة ونظريات المؤامرة الفاسدة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأكدت وزيرة التعليم البريطانية أن "مناهجنا الدراسية المتجددة سوف تضع دائمًا المعايير العالية والمتزايدة في المواد الأساسية في المقام الأول، وهذا أمر غير قابل للتفاوض. ولكن إلى جانب هذا، سوف نعمل على إنشاء منهج دراسي واسع وغني بالمعرفة يوسع نطاق الوصول إلى المواد الثقافية ويمنح التلاميذ المعرفة والمهارات التي يحتاجون إليها للنجاح في العمل وطوال الحياة".
ملاحقة المؤثرين
جاءت مساعي المؤسسة التعليمية البريطانية في الوقت الذي حث فيه أعلى ضابط شرطة في بريطانيا المواطنين على الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي، التي اتُهمت بالتأثير على مثيري الشغب، بمن فيهم الشباب.
وفي مقال كتبه لصحيفة "ديلي تليجراف"، قال رئيس الشرطة جافين ستيفنز: "ربما يتعين علينا حذف الكثير من المعلومات أكثر مما نشاركه".
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم تكليف محققين متخصصين في الجرائم المنظمة بملاحقة المؤثرين الذين لديهم أعداد كبيرة من المتابعين والذين نشروا الكراهية وحرضوا على العنف. حيث اندلعت أعمال الشغب اليمينية المتطرفة المستمرة منذ أسبوعين بسبب ادعاءات كاذبة عبر الإنترنت تفيد بأن طالب لجوء هو من نفذ عملية الطعن في ساوثبورت.
وقد تأججت هذه الظاهرة بأشكال "أكثر تعقيدًا" من التضليل الإعلامي، بما في ذلك المواقع الإلكترونية التي أنشئت لتقليد مواقع الصحف والمذيعين. وقالت مصادر حكومية إن الاضطرابات أظهرت أن "خطر انخراط الشباب في "مساحات خطيرة على الإنترنت يحتاج إلى معالجة عاجلة".
وتتم حاليًا مراجعة المناهج الدراسية للمرحلتين الابتدائية والثانوية، وستتناول المراجعة تعليم الأطفال كيفية اكتشاف المحتوى المتطرف وتجاهله من خلال تضمين مهارات التفكير النقدي عبر الدروس في مواضيع متعددة.
مناهج جديدة
حسب "التليجراف"، ستساعد التغييرات المخطط لها الأطفال على تحديد المحتويات المتطرفة كافة، بما في ذلك نظريات المؤامرة اليسارية المتطرفة والدعاية القائمة على الدين. وقد يتضمن أحد الأمثلة استخدام فصول اللغة الإنجليزية لتحليل التقارير الصحفية، وفحص أسلوبها واستخدامها للغة مقارنة بالأخبار المزيفة "ومن شأن هذا أن يعلم الأطفال كيفية التمييز بين الصحافة المستقلة والدعاية من خلال البحث عن التحيز والمبالغة في الدعاية".
وفي دروس الكمبيوتر، سيتم تعليم الطلاب كيفية التعرف على مصادر المعلومات غير الموثوقة، بما في ذلك اكتشاف مواقع الأخبار المزيفة من خلال تصميماتها "حيث أن العديد من المواقع الدعائية هي عبارة عن تقليد بدائي لمنافذ الأخبار الحقيقية، بما في ذلك تلك الخاصة بالصحف والمذيعين، لكن بعضها أصبح أكثر واقعية.".
كما يمكن تدريب التلاميذ على اكتشاف صور تم تعديلها باستخدام برنامج الفوتوشوب لقصص من مواقع إخبارية حقيقية، حيث تم تغيير العنوان أو النص.
أيضًا، يمكن تعديل دروس الرياضيات لتشمل كيفية تحليل الإحصائيات في سياقها، وتعليم التلاميذ كيفية تحديد الحالات التي لا تدعم فيها الأرقام الادعاءات التي يتم استخدامها لتقديمها.
وستقدم لجنة مراجعة المناهج، التي تقودها البروفيسور بيكي فرانسيس، تقريرها العام المقبل، مما يعني أنه قد يتم تقديم توصياتها في سبتمبر 2025.