كشفت وسائل إعلام غربية عن محاولات رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر، إثارة إعجاب الفرنسيين وكسب ودهم، بعد سنوات من التوتر بسبب "بريكست".
انطباع إيجابي
وكشفت صحيفة "بوليتيكو" عن انطباعات إيجابية للغاية لدى المسؤولين الفرنسيين تجاه "ستارمر" وفريقه، إذ وصفوه بأنه "ذكي جدًا" و"أكثر انفتاحًا" و"مثير للإعجاب". ونقل التقرير عن وزير فرنسي خارج من منصبه قوله: "إنه مثل الليل والنهار، كان المحافظون متوترين ومنغلقي الذهن جدًا، لكن الآن الشخص الذي أمامي متوازن، أكثر ودية، وله روح الدعابة".
وهذا التغيير في النبرة يعكس أملًا فرنسيًا في تعزيز العلاقات الثنائية بعد سنوات من التوتر بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن باريس تنظر بتفاؤل إلى إمكانية فتح صفحة جديدة مع حكومة حزب العمال البريطاني.
بداية علاقة واعدة
أشارت "بوليتيكو" إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان متحمسًا لدرجة أنه اتصل بـ"ستارمر" لتهنئته بفوزه قبل تعيينه رسميًا، في خطوة قد تعد خرقًا للبروتوكول، كما نشر صورة له وهو يعانق رئيس الوزراء البريطاني الجديد خلال قمة الناتو في واشنطن.
ويبدو أن هناك "كيمياء جيدة" بين الزعيمين، حسبما نقلت الصحيفة عن مجتابى رحمان، رئيس قسم أوروبا في مجموعة أوراسيا.
وبدأت هذه العلاقة الودية منذ زيارة ستارمر لقصر الإليزيه في سبتمبر الماضي، حيث أشاد دبلوماسي فرنسي بأداء زعيم حزب العمال خلال تلك المحادثات.
ما وراء شهر العسل
رغم هذه البداية الواعدة، أشارت "بوليتيكو" إلى أن استمرار هذا التقارب يعتمد على عدة عوامل، فالفرنسيون يريدون أفعالًا وليس مجرد كلمات، ونقلت الصحيفة عن وزير فرنسي قوله: "عليهم التوقف عن النزاع حول الصيد"، في إشارة إلى الخلاف حول وصول القوارب الفرنسية إلى المياه البريطانية.
كما أن مسألة "بريكست" لا تزال حاضرة بقوة، فرغم رغبة حزب العمال في تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن فرنسا حريصة على عدم السماح لبريطانيا بـ"انتقاء الكرز" في ما يتعلق بالوصول إلى السوق الموحدة.
ويشير مصطلح "انتقاء الكرز" إلى المخاوف الفرنسية من أن حكومة حزب العمال البريطانية بقيادة ستارمر قد تحاول الحصول على مزايا خاصة في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، دون الالتزام الكامل بقواعد السوق الموحدة.
ونقل التقرير عن دبلوماسي فرنسي قوله: "نحن مستعدون لبعض أشكال التقارب، ولكن فقط ضمن حدود خطوطنا الحمراء في بريكست، وهذا يعني الحفاظ على السوق الموحدة وعدم الانتقائية".
الدفاع والأمن
وسلطت "بوليتيكو" الضوء على إمكانيات التعاون في مجال الدفاع والأمن بين البلدين، خاصة في ظل المخاوف من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وصرح وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي لمجلة "لوجران كونتينان" الفرنسية بأن "تحول الولايات المتحدة بعيدًا عن أوروبا ونحو آسيا هو أمر سيستمر لما بعد المرشح الجمهوري"، مضيفًا: "لا شك في أننا بحاجة إلى تنسيق أكثر وأفضل".
وفي هذا السياق، ذكر التقرير أن الحكومة البريطانية تسعى لإبرام اتفاقية أمنية ودفاعية واسعة النطاق مع الاتحاد الأوروبي تكون مكملة لحلف الناتو، مشيرًا إلى تقرير برلماني فرنسي دعا إلى إعادة دمج المملكة المتحدة في صندوق الدفاع الأوروبي.