اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة معاهدة لمكافحة الجرائم السيبرانية، كأول نص من نوعه تقره المنظمة، وسط معارضة شديدة لمنظمات حقوقية وشركات كبرى، بل وحتى من قبل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وافقت الدول الأعضاء، أمس الخميس، على اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية بالإجماع، حيث من المقرر تقديمه إلى الجمعية العامة لاعتماده رسميًا بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات وجولة أخيرة على مدى أسبوعين في نيويورك.
وقالت الدبلوماسية الجزائرية "فوزية بومعيزة مباركي"، رئيسة لجنة صياغة المعاهدة، وسط التصفيق "أعتبر الوثائق معتمدة. شكرًا جزيلاً لكم، هنيئًا للجميع".
الأولى من نوعها
ووصفت مندوبة جنوب إفريقيا المعاهدة بالاتفاق التاريخي، وقالت: "أثبتنا أهمية الإرادة السياسية وتصميمنا المشترك على منع الجرائم السيبرانية ومكافحتها من خلال التعاون الدولي"، وأضافت أن "المساعدة التقنية وتعزيز القدرات سيوفران الدعم اللازم للبلدان ذات البنى التحتية السيبرانية الأقل تطورًا".
ويرد في النص المعتمد أنه يجوز لأي دولة عضو، عند التحقيق في أي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تقل عن أربع سنوات بموجب القانون الوطني، أن تطلب من سلطات دولة أخرى أي دليل إلكتروني مرتبط بالجريمة، وكذلك طلب بيانات من مزودي خدمة الإنترنت.
وستدخل المعاهدة الأولى من نوعها حيز التنفيذ بمجرد أن تصادق عليها 40 دولة عضو، وهي تهدف إلى "منع ومكافحة الجرائم السيبرانية بشكل أكثر كفاءة وفعالية"، ولا سيما فيما يتعلق بصور الاعتداء الجنسي على الأطفال وغسل الأموال.
مخاوف شركات التكنولوجيا
وفي المقابل، انتقد تحالف يضم ناشطين حقوقيين وشركات تكنولوجيا كبرى، يدينون اتساع نطاقها، معتبرين أنها قد ترقى إلى مستوى معاهدة "رقابة" عالمية، "يمكن استخدامها للقمع".
وأبدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تحفظات جدية بشأن النص، ودعت الدول هذا الأسبوع إلى "ضمان أن تكون حقوق الإنسان في قلب المعاهدة". وأضافت على منصة إكس "يجب ألا يخشى المدافعون عن حقوق الإنسان والباحثون والأطفال تجريم نشاطات محمية".
وقال نِك أشتون-هارت الذي ترأس وفد منظمة "سايبر سيكيوريتي تيك أكورد" في هذه المفاوضات التي تضم أكثر من 100 شركة في القطاع مثل "مايكروسوفت" و"ميتا" لوكالة فرانس برس "للأسف، اعتمدت اللجنة اتفاقًا من دون التطرق إلى عيوب رئيسية حددها المجتمع المدني والقطاع الخاص وحتى هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة". مضيفًا: "نعتقد أنه يجب على الدول عدم توقيع هذه المعاهدة أو تطبيقها".
وفي وقت سابق، اشتكت روسيا الداعمة التاريخية لهذه المعاهدة، من أن النص أصبح مشبعًا بضمانات حقوق الإنسان، متّهمة بعض الدول بالسعي إلى تحقيق أهداف أنانية ضيقة تحت شعار القيم الديمقراطية.