شهد العالم يوم الجمعة، أزمة تقنية غير مسبوقة أدت إلى شلل في قطاعات حيوية عديدة، من المطارات إلى المستشفيات والشركات الكبرى، هذا الحدث الذي وصفه الخبراء بأنه "أكبر انقطاع في تاريخ تكنولوجيا المعلومات"، قد يتطلب أسابيع للتعافي الكامل منه، ووفقًا لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن الأزمة نجمت عن خلل في تحديث برمجي لشركة "كراود سترايك" الأمريكية المتخصصة في الأمن السيبراني، مما أثر على أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام "ويندوز" على مستوى العالم.
التعافي الطويل
يشير الخبراء إلى أن عملية التعافي الكاملة من هذا الانقطاع التقني الهائل قد تستغرق أسابيع، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ تكنولوجيا المعلومات، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الطبيعة المعقدة للمشكلة وحجم الضرر الذي لحق بالأنظمة العالمية.
وفقًا لما ذكره آدم ليون سميث، زميل في المعهد البريطاني لتكنولوجيا المعلومات، فإن الأجهزة المتضررة قد دخلت في حالة من الشاشات الزرقاء، مما يجعل عملية استعادتها صعبة وتستغرق وقتًا طويلًا.
علاوة على ذلك، فإن الحاجة إلى الإصلاح اليدوي لكل جهاز متأثر تزيد من تعقيد المهمة، فكما أوضح البروفيسور آلان وودوارد من جامعة ساري، فإن معظم المستخدمين العاديين لن يكونوا قادرين على اتباع التعليمات اللازمة لإصلاح أجهزتهم بأنفسهم، ما يعني أن الشركات والمؤسسات ستحتاج إلى تدخل فرق تقنية متخصصة لإصلاح كل جهاز على حدة، وهو ما سيستغرق وقتًا طويلًا، خاصة بالنسبة للمنظمات الكبيرة التي تمتلك آلاف الأجهزة موزعة في مواقع مختلفة.
نطاق التأثير
امتد تأثير هذا الانقطاع التقني ليشمل قطاعات حيوية متعددة، مما أدى إلى اضطرابات واسعة النطاق في الخدمات الأساسية حول العالم، في قطاع النقل والطيران، شهدت شركات الطيران الكبرى اضطرابات كبيرة في جداول رحلاتها، ووصل الأمر ببعض المطارات، مثل مطار برلين، إلى تعليق جميع الرحلات مؤقتًا.
هذه الاضطرابات أجبرت شركات الطيران على إصدار تحذيرات للمسافرين بضرورة الوصول إلى المطارات قبل مواعيد رحلاتهم بوقت كافٍ؛ لتجنب أي تأخيرات إضافية.
أما في قطاع الرعاية الصحية، فقد كان التأثير بالغًا أيضًا، إذ تعطلت أنظمة حجز المواعيد في العديد من العيادات الطبية، مما منع الأطباء من الوصول إلى سجلات المرضى أو جدولة المواعيد الجديدة.
في بعض المستشفيات، تم إعلان حالة طوارئ وإلغاء مواعيد العلاج الإشعاعي، مما يشير إلى مدى خطورة الوضع على صحة المرضى.
لم يسلم القطاع المالي أيضًا من تداعيات هذه الأزمة، إذ واجهت بنوك كبرى مشاكل في خدماتها المصرفية، بما في ذلك صعوبات في معالجة المدفوعات وتعطل خطوط الهاتف الخاصة بخدمة العملاء.
هذه الاضطرابات في القطاع المالي تسلط الضوء على مدى هشاشة البنية التحتية الرقمية التي تعتمد عليها الأنظمة المالية العالمية.
استجابة الشركات والحكومات للأزمة
في مواجهة هذه الأزمة غير المسبوقة، سارعت الشركات التكنولوجية الكبرى والحكومات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الأضرار وبدء عملية الإصلاح، إذ أن شركة مايكروسوفت، التي تأثرت أنظمتها بشكل مباشر، أصدرت بيانًا سريعًا أكدت فيه علمها بالمشكلة وأنها تعمل على إيجاد حل. هذا الموقف الاستباقي من مايكروسوفت يعكس إدراكها لحجم الأزمة وأهمية التواصل الشفاف مع المستخدمين والشركات المتضررة.
من جانبها، اعترفت شركة "كرادو سترايك"، المسؤولة عن التحديث البرمجي الذي تسبب في الأزمة، بمسؤوليتها عن الحادث.
وفي خطوة تعكس الشفافية والمسؤولية المؤسسية، قدم جورج كورتز، مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، اعتذارًا علنيًا للعملاء المتضررين.
على الصعيد الحكومي، اتخذت العديد من الدول إجراءات سريعة لمواجهة الأزمة، في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تم تفعيل لجنة كوبرا، وهي آلية الاستجابة للأزمات على أعلى مستوى في الحكومة البريطانية.
قام الوزراء بالتواصل المباشر مع القطاعات المتضررة لتنسيق جهود الاستجابة وتقليل الأضرار.