شهد العالم أجمع حدثًا غير مسبوق أمس الجمعة، بعدما تسبّب خلل تقني بأحد خوادم شركة "كراود سترايك" للأمن السيبراني، في التأثير على عمل العديد من وسائل الإعلام، والمستشفيات، والمطارات والموانئ في العالم.
ووجهت "كراود سترايك" اتهامات واضحة إلى شركة "مايكروسوفت" الأمريكية، بسبب تقصيرها في مجال الأمن السيبراني، بسبب وجود نقاط ضعف واختراقات من قبل جهات خارجية، نظرًا لعملها في الصين.
تاريخ الشركة
تأسست الشركة في عام 2011 من قبل جورج كورتز، ديمتري ألبيروفيتش، وجريج مارستون، الذين يتمتعون بخبرة عميقة في مجال الأمن السيبراني.
شركة كراود سترايك، المعروفة بدورها البارز في مجال الأمن السيبراني، تواجه تحديات مُتعددة في ظل نموها السريع وانتشار تكنولوجيا المعلومات في جميع أنحاء العالم.
وبالرغم من أنها أصبحت مدرجة في البورصة في عام 2019 وسجلت مبيعات تزيد على 3 مليارات دولار في عام 2023، إلا أن كراود سترايك تواجه تحديات في تحقيق الربح المُستدام، حيث سجلت صافي ربح قدره 89 مليون دولار في نفس العام، وهو أول ربح سنوي لها منذ إنشائها.
وبعد حادث أمس الجمعة، انخفض سعر سهم الشركة بنحو 12% في بورصة وول ستريت الأمريكية.
انقطاعات كبرى
وبعد عامين فقط من إنشائها، أطلقت كراود سترايك منصتها الرائدة "فالكون"، التي تتميز بقدرات فائقة في اكتشاف ومكافحة التهديدات السيبرانية. وتبنت الشركة نموذج "السحابة أولًا"، الذي يعزز من قدرات الحماية ويقلل من الاعتماد على الحوسبة التقليدية.
في ظل هذا التحول نحو الحوسبة السحابية، عانت كراود سترايك من تحديات كبيرة أخيرًا، حيث شهدت عدة انقطاعات كبرى في الخدمات؛ بسبب عدم توافق بعض التحديثات مع برامج "مايكروسوفت"، الأمر الذي أثر سلبًا على عمليات العديد من العملاء الكبار.
مايكل دانييل، خبير الأمن السيبراني والذي عمل سابقًا في البيت الأبيض، وصف كراود سترايك بأنها "واحدة من أبرز شركات الأمن السيبراني في العالم"، مُشيرًا إلى أن التركيز على تحديد المهاجمين وسلوكياتهم يُمثل نقلة نوعية في استراتيجية الحماية.
وبحسب تقرير نشرته الشركة هذا العام، فإن 70% من الهجمات لا تتضمن فيروسات تقليدية، بل تشمل عمليات تلاعب متقدمة ينفذها قراصنة يستخدمون بيانات اعتماد مسروقة أو مستردة.
انتقادات لمايكروسوفت
وفي الأشهر الأخيرة، انتقدت كراود سترايك شركة مايكروسوفت؛ بسبب تقصيرها في مجال الأمن السيبراني، حيث اعترفت الشركة المصنعة لنظام التشغيلWindows بوجود نقاط ضعف واختراقات من قبل جهات خارجية.
ومن بين الانتقادات الأخرى التي وجهت إلى "مايكروسوفت"، هو استمرارها في ممارسة أعمالها بالصين.
وقال شون هنري، كبير مسؤولي الأمن في شركة كراود سترايك، العام الماضي: "أنت تخبر الجمهور بأنهم لا يستطيعون استخدام هواوي، ولا يمكنهم السماح للأطفال بمشاهدة مقاطع فيديو على تيك توك؛ لأن الصين ستجمع المعلومات الاستخباراتية، ومع ذلك، فإن البرمجيات الأكثر انتشارًا، والتي تستخدمها الحكومة وجميع الشركات في هذا البلد وفي جميع أنحاء العالم، لديها مهندسون في الصين يعملون على برمجياتها".
التحقيق في الاختراقات
تصدرت شركة كراود سترايك، وهي أيضًا شركة استخبارات سيبرانية، عناوين الأخبار عندما ساعدت في التحقيق في العديد من الهجمات السيبرانية البارزة. في عام 2014، اكتشفت الشركة أدلة تربط ممثلين من كوريا الشمالية باختراق خوادم شركة "سوني". إذ سرق القراصنة كميات كبيرة من البيانات وهددوا بتنفيذ أعمال إرهابية ضد دور السينما؛ لمنع عرض فيلم كوميدي عن زعيم كوريا الشمالية.
وبدورها، قدرت شركة "سوني" التكاليف المباشرة للاختراق بنحو 35 مليون دولار للتحقيق في الاختراق وإصلاحه.
وفي عامي 2015 و2016، ساعدت كراود سترايك في التحقيق في الهجمات الإلكترونية، التي تعرضت لها اللجنة الوطنية الديمقراطية (DNC) في الولايات المتحدة.
وفي ديسمبر 2016، أصدرت الشركة تقريرًا، يفيد بأن مجموعة تابعة للحكومة الروسية تدعى "Fancy Bear" اخترقت تطبيق عسكري أوكراني، الأمر الذي ألحق بها خسائر فادحها.