انتهى حكم الشيخة حسينة واجد لبنجلاديش بشكل مفاجئ، اليوم الاثنين 5 أغسطس، بعد 20 عامًا في السلطة، بعد أن أعلن رئيس الجيش البنجالي الجنرال واكر الزمان في خطاب تلفزيوني استقالة رئيسة الوزراء وسط احتجاجات عنيفة اجتاحت البلاد.
وفقاً لتقرير "الفاينانشال تايمز"، فرّت الشيخة حسينة، البالغة 76 عامًا، مع شقيقتها على متن مروحية عسكرية إلى الهند المجاورة، إذ جاءت هذه الاستقالة المدوية بعد أسابيع من المظاهرات التي بدأت كاحتجاج طلابي ضد نظام الحصص الوظيفية، لتتحول سريعًا إلى حركة شعبية واسعة تطالب برحيل الحكومة.
أسفرت المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن عن مقتل ما يصل إلى 300 شخص، مع تصاعد حدة العنف في الأيام الأخيرة. ومع رحيل الشيخة حسينة، تدخل بنجلاديش، ثاني أكبر مصدّر للملابس الجاهزة في العالم، مرحلة سياسية جديدة وغير مؤكدة، تحمل تداعيات محلية وإقليمية ودولية.
جذور الأزمة
نقلت "الفاينانشال تايمز" عن مصادر محلية أن شرارة الاحتجاجات الأخيرة في بنجلاديش بدأت كحركة طلابية تعارض نظام الحصص الوظيفية في القطاع الحكومي، موضحة أن هذا النظام يخصص ثلث الوظائف الحكومية لأفراد عائلات المحاربين القدامى في حرب استقلال البلاد عام 1971 عن باكستان.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الاحتجاجات المحدودة سرعان ما تحولت إلى حركة أوسع نطاقًا مع تصاعد الغضب الشعبي ضد حكومة الشيخة حسينة. وذكرت أن القمع العنيف من قِبل السلطات أدى إلى تأجيج المزيد من الاستياء، حيث أفادت التقارير بمقتل ما يصل إلى 300 شخص خلال الأسابيع الماضية.
تصاعد العنف
وفقًا للصحيفة البريطانية، شهدت العاصمة دكا والمدن الرئيسية الأخرى في بنجلاديش مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، ونقلت الصحيفة عن وسائل إعلام محلية أن نحو 100 شخص لقوا حتفهم خلال عطلة نهاية الأسبوع وحدها، بينما أصيب المئات.
وأفاد مراسل الصحيفة في دكا أنه اليوم، تحدى المتظاهرون حظر التجول، متوجهين بأعداد كبيرة نحو العاصمة. ونقل عن شاهد عيان قوله: "لقد واجهت حشود كبيرة قوات الأمن مع تدفق الآلاف إلى العاصمة".
هروب مفاجئ
في تطور للمشهد، أعلن رئيس الجيش البنجالي الجنرال واكر الزمان في خطاب تلفزيوني اليوم استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، مضيفًا أن الجيش سيبدأ محادثات لتشكيل حكومة انتقالية، واعدًا في الوقت نفسه بإجراء تحقيق في عمليات القمع الدموية التي أججت الغضب ضد الحكومة.
وفي مشهد يشبه الأفلام، ذكرت تقارير إعلامية أن الشيخة حسينة، البالغة من العمر 76 عامًا، فرّت مع شقيقتها على متن مروحية عسكرية إلى ولاية البنجال الغربية الهندية المجاورة. بينما أشارت تقارير أخرى إلى أنها قد تكون متجهة إلى ولاية تريبورا في شمال شرق الهند.
هذا التطور المفاجئ يمثل نهاية حقبة سياسية في بنجلاديش، فالشيخة حسينة، ابنة زعيم استقلال البلاد الشيخ مجيب الرحمن، قادت هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 170 مليون نسمة منذ عام 2009، لتصبح أطول زعيم يحكم البلاد.
ردود الفعل
مع انتشار أنباء استقالة الشيخة حسينة، تحول المشهد في شوارع دكا من الاحتجاج إلى الاحتفال، وأفادت التقارير بأن الآلاف اقتحموا مقر إقامتها الرسمي، هاتفين بشعارات النصر ورافعين علامات النصر.
وقال سايم فاروق، وهو رجل أعمال شارك في احتجاجات اليوم، للفاينانشال تايمز: "إنها نقطة تحول لبنجلاديش "، ما يعكس حجم التغيير الذي يتطلع إليه الشعب البنجلاديش ي وآماله في مستقبل أفضل.
على الصعيد الدولي، تمثل استقالة الشيخة حسينة ضربة لحكومة الهند المجاورة، أكبر اقتصاد في جنوب آسيا، إذ كان رئيس وزرائها ناريندرا مودي يعتبر الشيخة حسينة حليفًا استراتيجيًا مهمًا في المنطقة.
التداعيات الاقتصادية
تثير الاضطرابات في بنجلاديش قلقاً في أوساط الشركات العالمية، إذ إنها ثاني أكبر مصدر للملابس الجاهزة في العالم، ومركز تصنيعي منخفض التكلفة للعديد من العلامات التجارية الغربية مثل وول مارت وبريمارك وإتش آند إم.
يقول محللون اقتصاديون إن عدم الاستقرار السياسي قد يؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، ما قد يؤثر على أسعار الملابس في الأسواق العالمية. كما أن هناك مخاوف من تأثير هذه الأحداث على الاستثمارات الأجنبية في البلاد.