كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية النقاب عن تطور علمي مذهل في مجال التكنولوجيا العصبية، إذ أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة نيورالينك، نجاح المرحلة الثانية من تجارب الشركة، وتمكن مريض مصاب بالشلل من لعب ألعاب الفيديو وتصفح الإنترنت باستخدام قوة تفكيره فقط.
ووفقًا للتقرير الذي نشرته الصحيفة البريطانية، يمثل هذا الإنجاز خطوة هائلة في مجال الواجهات العصبية الحاسوبية، ويفتح آفاقًا جديدة لمساعدة الأشخاص المصابين بإعاقات حركية شديدة.
وتشير "الإندبندنت" إلى أن هذا التقدم قد يُغير بشكل جذري طريقة تفاعل البشر مع التكنولوجيا في المستقبل.
قوة التفكير تتحول إلى أوامر رقمية
وأعلن إيلون ماسك، في مقابلة مع بودكاست ليكس فريدمان، أن المريض الثاني الذي خضع لزراعة شريحة نيورالينك حقق نتائج مبهرة.
وقال: "لا أريد أن أتشاءم، لكن يبدو أن الأمور سارت بشكل ممتاز مع عملية الزرع الثانية. هناك الكثير من الإشارات والكثير من الأقطاب الكهربائية. إنها تعمل بشكل جيد جدًا"، وفقًا لما أشارت الصحيفة.
وأضاف "ماسك" أن المريض الأول، نولان أرباو البالغ من العمر 29 عامًا، تمكن من لعب ألعاب فيديو عبر الإنترنت مثل ماريو كارت وسيفيليزيشن 6، هذا الإنجاز يعد ثورة في مجال التفاعل بين الإنسان والحاسوب، إذ يستطيع المريض الآن التحكم في الألعاب والتطبيقات الرقمية دون الحاجة إلى أي حركة جسدية.
تقنية ثورية تفتح آفاقًا جديدة
تعتمد شريحة نيورالينك على تقنية متطورة تتضمن 1024 قطبًا كهربائيًا موزعة على 64 خيطًا مرنًا، كل منها أرفع من شعرة الإنسان، هذه الأقطاب الكهربائية الدقيقة تسجل نشاط الدماغ وتترجمه إلى أوامر رقمية، ما يتيح للمرضى التحكم في الأجهزة الإلكترونية بمجرد التفكير.
وفي حالة المريض الثاني، أشار ماسك إلى أن 400 من أقطاب الزرعة الكهربائية في دماغه تعمل بشكل جيد، هذا العدد الكبير من الأقطاب العاملة يوفر دقة عالية في قراءة وترجمة إشارات الدماغ، ما يسمح بتحكم أكثر دقة وسلاسة في الأجهزة الرقمية.
قصة نجاح تعيد الأمل للمصابين بالشلل
يعد نولان أرباو، المصاب بالشلل الرباعي نتيجة حادث غطس، أول متلقٍ لشريحة نيورالينك، وعبّر "أرباو" عن تأثير هذه التقنية على حياته قائلًا: "لقد ساعدتني الشريحة على إعادة الاتصال بالعالم وأصدقائي وعائلتي. لقد منحتني القدرة على القيام بالأشياء بمفردي مرة أخرى دون الحاجة إلى عائلتي في جميع ساعات اليوم والليل".
وقبل زراعة الشريحة، كان أرباو يستخدم الحاسوب عن طريق عصا في فمه للنقر على شاشة جهاز لوحي، والآن يمكنه ببساطة التفكير فيما يريد حدوثه على شاشة الحاسوب، وتنفذ الشريحة أوامره، هذا التطور منح "أرباو" قدرًا من الاستقلالية وقلل اعتماده على مقدمي الرعاية.
تحديات وحلول في الأفق
رغم النجاح الملحوظ، واجهت نيورالينك بعض التحديات التقنية. فبعد أيام قليلة من زراعة الشريحة في دماغ أرباو، انفصلت بعض الخيوط الدقيقة، ما أدى إلى انخفاض حاد في عدد الأقطاب الكهربائية القادرة على قياس إشارات الدماغ.
واستجابة لهذه المشكلة، أجرت نيورالينك تعديلات على خوارزمية الشريحة لزيادة حساسيتها، ونتيجة لذلك، تمكن أرباو من تحسين رقمه القياسي العالمي السابق في سرعة التحكم بالمؤشر بأفكاره وحدها، باستخدام 10 إلى 15% فقط من الأقطاب الكهربائية العاملة، وفقًا لما ذكره ماسك.
تطلعات مستقبلية وآفاق جديدة
يرى ماسك أن تقنية نيورالينك قد تساعد البشر على التعامل بشكل أفضل مع تحديات الذكاء الاصطناعي، من خلال "خلق تكافل أوثق بين الذكاء البشري والذكاء الرقمي".
وأضاف أن الهدف النهائي هو "منح الناس قدرات خارقة".
وفي إطار خطط الشركة المستقبلية، تعتزم نيورالينك زرع الشرائح في 8 مرضى آخرين هذا العام كجزء من تجاربها السريرية، كما تعمل الشركة على إجراء تحسينات في تصميم الشريحة لمعالجة المشكلات التي ظهرت، بما في ذلك تطوير طرق لمنع الأقطاب الكهربائية من الانسحاب من أنسجة الدماغ وتحسين دقة إدخال الخيوط في ثنايا الدماغ.
الجدل الأخلاقي حول التجارب
على الرغم من الإنجازات المبهرة، واجهت نيورالينك انتقادات بشأن معاملتها للحيوانات المستخدمة في التجارب. وادعت جماعات حقوق الحيوان، مثل لجنة الأطباء للطب المسؤول، أن الشركة قدمت "رعاية غير كافية" لقرود البحث، مشيرة إلى حالات من "الإسهال الدموي والشلل الجزئي والوذمة الدماغية".
ردًا على هذه الاتهامات، أكد ماسك أن الشركة تبذل قصارى جهدها لضمان رفاهية الحيوانات المستخدمة في الأبحاث، قائلًا: "نحن نبذل حقًا كل ما في وسعنا لتعظيم رفاهية الحيوانات".