الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

العملاق النائم.. الصينيون يغسلون أموال الفنتانيل للعصابات المكسيكية

  • مشاركة :
post-title
الجريمة المنظمة الصينية في أمريكا سيطرت على غسل أموال العصابات المكسيكية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

رغم القبض على أسطورة تجارة المخدرات، المكسيكي "إل تشابو"، في أوائل عام 2014، كانت تجارة الفنتانيل في ازدياد في الولايات المتحدة؛ لذا، بدأ عميل مكافحة المخدرات الأمريكي، راي دونوفان، مستعينًا بعالم بيانات، في محاولة لرسم خريطة لشبكات الفنتانيل العاملة على الساحل الشرقي للبلاد.

وبمراجعة السجلات الهاتفية لتجار المخدرات المشتبه بهم، صُدِم المحققون الأمريكيون عندما وجدوا عددًا هائلًا من الاتصالات تقودهم إلى الصين. حيث كانت الجماعات الإجرامية الصينية تقوم بغسل أموال المخدرات لصالح عصابات المخدرات المكسيكية على نطاق غير مسبوق؛ كما أشار تقرير لشبكة NBC News.

أيضًا، كان نفس السماسرة الصينيين الذين كانوا يقومون بغسل عائدات الفنتانيل، متورطين بشكل كبير في الاتجار بالماريجوانا في جميع أنحاء الولايات المتحدة أيضًا. ليدرك الأمريكيون أنه، على مدى العقد الماضي، أصبحت جماعات الجريمة المنظمة الصينية في الولايات المتحدة، وبهدوء، هي المسيطرة على غسل أموال العصابات المكسيكية، ثم استخدمت الأرباح للسيطرة على تجارة الماريجوانا غير المشروعة.

وأكد التقرير أنه "مع تركيز وكالات إنفاذ القانون الأمريكية على القبض على تجار وموردي الفنتانيل، كان سماسرة الأموال الصينيون ومنتجو الماريجوانا يعملون في إفلات نسبي من العقاب".

أرباح الفنتانيل

وفق الشبكة الإخبارية الأمريكية، أدى نظام غسيل الأموال الصيني إلى زيادة أرباح العصابات المكسيكية التي تغذي أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة بشكل كبير. كما أن المبالغ الضخمة للعائدات تثير أيضًا مخاوف تتعلق بالأمن القومي، وفقًا للخبراء والمشرعين الأمريكيين.

ويزعم الأمريكيون أن العصابات الإجرامية الصينية "تعمل في مختلف أنحاء العالم بدعم ضمني من أجهزة الاستخبارات في البلاد". ويخشى المسؤولون الأمريكيون الحاليون والسابقون أن تُستخدم بعض عائدات المخدرات غير المشروعة على الأقل لأغراض شريرة في الولايات المتحدة ـ مثل التجسس لصالح الشركات أو التدخل في الانتخابات.

ونقل التقرير عن دينيس وايلدر، الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية والخبير في الشؤون الصينية، أنه "من الضروري أن تحقق السلطات الأمريكية فيما إذا كان بعض الأموال غير المشروعة تتدفق إلى وكالة التجسس الصينية القوية، وزارة أمن الدولة، والتي من المعروف أنها تستهدف الولايات المتحدة بشكل عدواني".

وقال وايلدر: "من الواضح أن الحكومة الأمريكية أهملت هذه المسألة، وهي بحاجة إلى الاهتمام".

أموال مخدرات نقلها مهرب صيني وتم ضبطها في ولاية كاليفورنيا الأمريكية
العملاق النائم

لسنوات، حاول عملاء مكافحة المخدرات الأمريكيون حشد موارد الحكومة؛ لوقف صعود شبكات غسيل الأموال الصينية في الولايات المتحدة، والدور الحاسم الذي تلعبه في دعم تجارة الفنتانيل. لكن جهودهم لم تحقق سوى تقدم محدود، لأن اختراق الشبكات المالية يتطلب وفرة من الوقت والقوى العاملة والإرادة السياسية.

ومع ارتفاع عدد الوفيات بسبب الفنتانيل أثناء وباء كوفيد 19، ركزت أجهزة إنفاذ القانون انتباهها في المقام الأول على التجار، بدلًا من الشبكة المالية السرية التي تحافظ على استمرار عمليات العصابات.

ومنذ عام 2023، وجه المدعون الفيدراليون اتهامات إلى ما لا يقل عن 31 شخصًا مرتبطين بمجموعات صينية متهمة بغسل أموال المخدرات. لكن في الواقع، هذه القضايا لا تمثل سوى قمة جبل الجليد، حيث يُعتقد أن الآلاف من سماسرة الأموال الصينيين يعملون في جميع أنحاء البلاد.

يقول التقرير: "عملت الجماعات الإجرامية الصينية بهدوء لعقود من الزمن في الولايات المتحدة في المدن الكبرى، مثل سان فرانسيسكو ونيويورك. وقد ظلت هذه الجماعات إلى حد كبير بعيدة عن أعين أجهزة إنفاذ القانون، من خلال الانخراط في أنشطة إجرامية غير عنيفة، مثل الاتجار بالحياة البرية والجرائم الإلكترونية".

يضيف: "كما حافظت هذه المنظمات منذ فترة طويلة على حضور أكثر قوة وعدوانية في آسيا والمحيط الهادئ -في بلدان مثل أستراليا وسنغافورة- حيث ركزت مخططاتها لغسل الأموال على الكيانات الصينية. ولكن شراكاتها الأخيرة مع منظمات المخدرات في أمريكا اللاتينية، دفعتها لأن تهيمن على غسيل الأموال في مختلف أنحاء العالم".

لذا، في عام 2018، أطلق قسم العمليات الخاصة النخبوي، التابع لإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية (DEA) مشروع "العملاق النائم"، وهي مبادرة تجمع العديد من الوكالات الحكومية؛ لاستهداف أنشطة المخدرات المرتبطة بالصين وغسيل الأموال.

غسيل أموال

تبدأ عملية غسيل الأموال بقيام شركاء العصابة المكسيكية بتسليم الأموال النقدية من مبيعات الفنتانيل إلى وسطاء الأموال الصينيين في الولايات المتحدة. ثم يقوم وسطاء الأموال الصينيون بترتيب حصول العصابة على المبلغ المعادل بالبيزو أو العملات المشفرة في المكسيك.

وفي بعض الحالات، يقوم شريك صيني في المكسيك بتسليم الأموال النقدية بكميات كبيرة إلى مخبأ العصابة.

وحسب التقرير، يتمكن السماسرة الصينيون من الاحتفاظ بإمدادات نقدية جاهزة في المكسيك، من خلال نظام التجارة غير الرسمية. ويشتري شركاؤهم في الصين، في مناطق مثل قوانجتشو، سلعًا يشحنونها إلى المكسيك، ثم تبيعها الشركات المكسيكية للمستهلكين بأسعار أرخص، فتولد بذلك أموالًا يقدمونها للعصابات.

أيضًا، يعتمد النظام على المواطنين الصينيين الأثرياء في وطنهم. ففي عام 2016، فرضت حكومة الرئيس الصيني، شي جين بينج، حدًا أقصى قدره 50 ألف دولار على المبلغ الذي يمكن للمواطنين نقله خارج البلاد؛ مما أدى إلى خلق طلب على الدولارات الأمريكية التي يمكن استخدامها لدفع ثمن أشياء مثل العقارات والرسوم الدراسية في أمريكا، حيث الاقتصاد أكثر استقرارًا.

وهذا هو المكان الذي يحقق فيه وسطاء المال الصينيون الجزء الأكبر من أرباحهم؛ كما تشير NBC News. حيث إنه، وباستخدام منصات مشفرة مثل WeChat، يبيع هؤلاء الدولارات الأمريكية بأسعار مرتفعة للمواطنين الصينيين الذين يتطلعون إلى نقل الأموال خارج الصين.

وكثيرًا ما تنطوي العملية على "معاملات مرآة"، حيث يدفع العملاء الصينيون ثمن الدولارات الأمريكية عن طريق تحويل المبلغ المعادل من حساباتهم المصرفية إلى حسابات محلية تسيطر عليها منظمة غسل الأموال.

هكذا، لا يتضمن نظام غسيل الأموال الصيني نقل الأموال فعليًا عبر الحدود. فهو أكثر أمانًا وسرعة وأرخص بكثير من أساليب غسيل الأموال الأخرى.