في حين تتزايد سخونة السباق الرئاسي في الولايات المتحدة، ارتفعت وتيرة المراهنات على ساكن البيت الأبيض المقبل، التي تجذب الآلاف، وتحول المشهد السياسي إلى ما يشبه سوقًا للأوراق المالية، وفقًا لوكالة "بلومبرج" الأمريكية.
واعتبرت الوكالة أن كاليب ديفيز، البالغ من العمر 44 عامًا، الذي يعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في مينيابوليس، هو أحد أوجه هذه الظاهرة الجديدة، التي مكنته من تحقيق أرباح كبيرة من خلال توقعاته السياسية.
وبدءًا من رهانه على اختيار ترامب لنائبه، مرورًا بتوقع انسحاب بايدن، وصولًا إلى التكهن بالنائب الذي ستختاره كامالا هاريس، يستخدم "ديفيز" منصات المراهنة مثل "PredictIt"، حيث تُصاغ الرهانات كأسئلة بسيطة بـ "نعم" أو "لا".
وحققت منصات المراهنات نموًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، وسجل موقع Polymarket"رهانات بقيمة تقارب مليار دولار في يوليو، بينما شهدت PredictIt زيادة في نشاطها بنسبة 1600%، بين مايو ويوليو، حسب الأرقام التي أوردتها الوكالة.
ويبقى هذا النمو من الرهانات مدفوعًا بآلاف المتداولين الجدد الذين يدخلون عالم السياسة لأول مرة، إذ يحاول عدد قياسي من المقامرين الاستفادة من تقلبات موسم الانتخابات الفوضوي لهذا العام من خلال المراهنة على السياسة.
وكانت الأسابيع القليلة الماضية مليئة بالأحداث في السياسة الأمريكية، إذ شهدت محاولة اغتيال ترامب، وانسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وارتفاع مفاجئ في استطلاعات الرأي لصالح "هاريس"، ما أعاد المنافسة الرئاسية إلى منطقة التعادل.
وكل هذا الاهتمام والتكهنات جعل المزيد من الأمريكيين يضعون أموالهم خلف أفضل التخمينات لما سيحدث بعد ذلك، من اختيار هاريس لنائبها إلى من سيصل بالبيت الأبيض في نوفمبر.
ويتم وضع الرهانات التنبؤية عبر ما يسمى بـ "عقود الأحداث"على PredictIt، على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين المراهنة "مع" أو "ضد" حدوث حدث معين.
ويتراوح سعر كل سهم بين 1 و99 سنتًا، وإذا صدق التوقع بحصول هذا الحدث بالفعل، فإنه يدفع دولارًا واحدًا، تمامًا كما هو الحال مع الاستثمار في الأسهم، يستفيد المراهنون من شراء الأسهم منخفضة السعر التي ترتفع قيمتها، وفي هذه النقطة يمكنهم البيع، أو الانتظار حتى نتيجة الحدث والربح وفقًا لذلك، ويمكن أيضًا خسارة المال إذا انخفضت قيمة الأسهم أو لم يتحقق التوقع.
ويعتمد المراهنون على مجموعة متنوعة من المصادر لاتخاذ قراراتهم، بدءًا من وسائل التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى تحليل الأخبار السياسية والمعلومات وعملية صنع القرارات.
ورغم الجدل المحيط بهذه الممارسة، يرى مؤيدوها أنها قد توفر تنبؤات أكثر دقة من استطلاعات الرأي التقليدية. وفي المقابل يحذر المنتقدون من أن تحويل السياسة إلى لعبة يشجع على المزيد من المقامرة والتداول.
من جهته، يعتبر تريفور بوكمان، محامٍ من نيويورك، المراهنة السياسية وسيلة تعليمية، قائلًا إنها علمته الكثير عن تفاصيل النظام السياسي الأمريكي.
وبالنسبة له وللكثيرين، تبقى هذه الممارسة أكثر جاذبية وإثارة من المراهنة على الأحداث الرياضية.
وعلى مدى سنوات، حول تريفور شغفه بالسياسة إلى مصدر دخل إضافي، محققًا أرباحًا تجاوزت 43000 دولار عبر منصة PredictIt.
ورغم خبرته، لم يسلم "بوكمان" من التقلبات الحادة في عالم السياسة، ففي يونيو الماضي، خسر 500 دولار بعد رهان على ترشيح بايدن، كمرشح ديمقراطي نهائي للانتخابات.
واليوم، يتبنى بوكمان استراتيجية أكثر حذرًا، مركّزا على الرهانات الأكثر أمانًا، إذ على سبيل المثال، يراهن ضد اختيار شخصيات بارزة مثل جافين نيوسوم وهيلاري كلينتون وميشيل أوباما لمنصب نائب الرئيس.