في صفقة وصفت بأنها الأكثر تعقيدًا في التاريخ منذ انتهاء الحرب الباردة، تمكنت 7 دول بينها روسيا والولايات المتحدة وألمانيا، من التوصل إلى تبادل لعدد من السجناء بينهم صحفيون وجنود ومتهمون بجرائم قتل وتجسس.
وخلال السنوات الثلاث الماضية كان الصراع بين روسيا وأوكرانيا الأكثر شهرة فيما يتعلق بصفقات تبادل السجناء، إذ استطاعا خلال تلك الفترة من القبض على مئات الجنود ووضعهم في السجون إلى أن يتم دخولهم ضمن أي صفقة مستقبلية يمكن أن تتم بين البلدين عن طريق دولة وسيطة.
وتعتبر صفقات تبادل السجناء بين الدول المتحاربة، هي الحل السحري لعودة آلاف المأسورين إلى وطنهم مرة أخرى، إذ يتم ذلك الأمر في الغالب من خلال دولة وسيطة تتمتع بعلاقات صداقة بين الطرفين، وبات السياسيون والصحفيون المقبوض عليهم خارج أرض المعركة أحدث المنضمين إلى تلك الصفقات.
وأعلنت وكالة الاستخبارات الوطنية التركية، أنها تمكنت من لعب دور الوسيط بين 7 دول من أجل إطلاق سراح 26 سجينًا في صفقة وصفتها بأنها أكبر عملية تبادل للأسرى بين الدول، منذ نهاية الحرب الباردة في التسعينيات، بحسب مجلة نيوزويك.
وتم تنسيق تلك الصفقة التي وصفت بأنها أحد أكثر التبادلات تعقيدًا في التاريخ، على مدى أكثر من نصف عام من قبل وكالات حكومية متعددة حول العالم، إذ تمت عملية التبادل على أرض مطار أنقرة على متن 7 طائرات بواقع طائرتين من الولايات المتحدة وطائرة واحدة من كل من روسيا وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج.
وشملت الصفقة 26 سجينًا من الولايات المتحدة وروسيا وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنرويج وبيلاروسيا، وجرت تفاصيلها على أرض مطار أنقرة في تركيا، وكان من أشهر المفرج عنهم فيها الصحفي إيفان جيرشكوفتيش، مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، المحكوم عليه بالسجن 16 عامًا.
واعتُقل الصحفي الأمريكي في روسيا، مارس 2023، ووجهت إليه السلطات تهمة التجسس لامتلاكه معلومات عن "مؤسسة دفاع روسية"، وبحسب إذاعة "صوت أمريكا" كان إيفان ضمن مناقشات منذ أشهر بين روسيا وأمريكا حول تبادل محتمل للسجناء، لكن الكرملين رفض استئناف المفاوضات قبل صدور الحكم عليه.
وأيضًا كان الجندي السابق في البحرية الأمريكية، بول ويلان، من أهم المفرج عنهم في تلك الصفقة، الذي ألقي القبض عليه عام 2018 في فندق بموسكو وبحوزته وحدة تخزين إلكترونية، تحتوي وفق المزاعم الروسية على أسرار دولة، وقضت محكمة روسية بسجنه 16 عامًا مع الأعمال الشاقة بتهمة التجسس.
ويحمل ويلان، الذي يبلغ من العمر 50 عامًا، الجنسية الأمريكية والبريطانية والكندية والأيرلندية، وتشير سجلاته العسكرية إلى أنه التحق بالبحرية الأمريكية كجندي احتياط في 1994 وسافر إلى العراق مرتين آخرها 2006، وزار روسيا عدة مرات إلى أن تم توقيفه في 2018.
وشملت صفقة تبادل الأسرى أيضًا الصحفية الإذاعية الروسية الأمريكية ألسو كورماشيفا، وفقًا لشبكة "سي بي إس"، التي تعمل في براج لصالح إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الولايات المتحدة وتحمل الجنسيتين الروسية والأمريكية، وتم اعتقالها يونيو 2023، بعد زيارة والدتها.
ووجهت المحكمة الروسية اتهامات إلى الصحفية الإذاعية التي تبلغ من العمر 47 عامًا، تشمل نشر معلومات كاذبة عن الجيش الروسي وعدم التسجيل كعميلة أجنبية في أثناء جمع المعلومات قبل أن يُحكم عليها بالسجن لمدة 6 سنوات ونصف السنة في محاكمة تمت في سرية بموجب تشريع روسي يُجرم ذلك.
وفي المقابل، تتسلم روسيا 8 من مواطنيها، بما في ذلك ثلاثة كانوا محتجزين في السجون الأمريكية، هم: فاديم كونوشينوك، فلاديسلاف كليوشين، ورومان سيليزنيوف، كما تم إطلاق سراح اثنين من الروس المحتجزين في سلوفينيا، وواحد في بولندا وآخر في النرويج، وجميعهم بحسب الشبكة، على علاقة معروفة أو مشتبه بها بالاستخبارات الروسية، بحسب timescolonist.
وكان من بين السجناء الذين عادوا إلى روسيا فاديم كراسيكوف، وهو قاتل مُدان حكمت عليه محكمة ألمانية بالسجن مدى الحياة في عام 2021، لقتله لاجئًا جورجيًا، قاتل ضد الروس في الشيشان، وأكد القضاء الألماني أن القتل تم بأمر من السلطات الفيدرالية الروسية ووصفوه بأنه "إرهاب دولة".
وأطلق سراح 12 معارضًا سياسيًا محتجزين في روسيا إلى ألمانيا، ووصفها الرئيس جو بايدن بأنها إنجاز دبلوماسي، ووصف الخبر بأنه ارتياح لا يصدق، وقال إن المحنة الوحشية للمحتجزين انتهت، بينما قال أوباما في كلمة ألقاها من البيت الأبيض بحضور عائلات أربعة أشخاص - ثلاثة أمريكيين وحامل بطاقة خضراء - تم إطلاق سراحهم، أن اليوم هو مثال قوي على أهمية وجود أصدقاء في هذا العالم.