الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الشغب يدق الإنذار.. تصاعد اليمين يؤرق حكم العمال في بريطانيا

  • مشاركة :
post-title
رجال الشرطة البريطانية يطوقون مسجد "ساوثبورت"

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بعد أقل من شهر على تولي حكومة حزب العمال الجديدة مقاليد الحكم في المملكة المتحدة، شهدت مدينة "ساوثبورت" الساحلية، الواقعة في شمال غرب إنجلترا، مأساة، حيث قُتلت ثلاث فتيات صغيرات أعمارهن بين الـ 6 والـ 9 سنوات، في المدينة الهادئة الواقعة خارج ليفربول، في هجوم بسكين على فصل دراسي للرقص.

وعقب الهجوم، الذي وقع يوم الاثنين الماضي، اعتقلت الشرطة البريطانية شابًا يبلغ من العمر 17 عامًا، ولكن وفقًا للإجراءات المعتادة للشرطة البريطانية، لم يتم الكشف عن اسم المشتبه به. ما صنع فراغًا معلوماتيًا، تدفقت عليه نظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة، حول محاولة المؤسسة التستر على الجريمة لحماية الجاني، وهو الأمر الذي تحول بسرعة إلى شغب.

ويوم الثلاثاء، ألقى حشد كبير -قالت الشرطة إنه مرتبط بعصبة الدفاع الإنجليزية القومية المتطرفة- مقذوفات على مسجد المدينة، وأشعلوا النار في مركبات الشرطة، وهاجموا ضباطًا في "ساوثبورت"؛ حيث عولج 53 ضابطًا من الإصابات، وتم نقل 27 إلى المستشفى. وتم القبض على أربعة رجال.

وتبع ذلك المزيد من الاضطرابات مساء الأربعاء، حيث أطلق المتظاهرون في العاصمة لندن القنابل الصوتية خارج مقر الحكومة في داونينج ستريت، وعلى بُعد 300 ميل إلى الشمال الشرقي، ألقى آخرون حطامًا على مبنى الشرطة في بلدة "هارتلبول".

هكذا، سارع رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، إلى إدانة الاحتجاجات، ووصفها بأنها "بلطجة" وإهانة للمجتمع. وتعهد قائلًا: "سيشعرون بالقوة الكاملة للقانون".

لكن بعيدًا عن الاعتقالات الفورية، فإن مواجهة اليمين المتطرف الآن تمثل مشكلة مبكرة وملحة لحكومة ستارمر.

أزمة فاراج

تشير صحيفة "بوليتيكو" إلى أن هذه الفوضى مرتبطة بنشاط اليمين المتطرف في غضون أقل من أسبوع، بعد أن امتلأ ميدان ترافلجار في لندن بعشرات الآلاف من أنصار الناشط، ومؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية، تومي روبنسون، يوم السبت.

وتتعقد الأمور في الوقت الذي يبحث فيه حزب العمال عن رد فعل، بسبب نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح الشعبوي في المملكة المتحدة، وعضو البرلمان المنتخب حديثًا.

ولكن في الواقع، لم يتمكن حزب العمال -أو المحافظون من قبلهم- من وقف صعود السياسي الذي نأى بنفسه، مرارًا وتكرارًا، عن اليمين المتطرف.

وقد أمضى فاراج الساعات الماضية في صد مزاعم بأنه أجج نيران الاضطرابات يوم الثلاثاء بمقطع فيديو نُشر على موقع X قبل ساعات فقط من اندلاع أعمال الشغب.

وفي ذلك الفيديو، تساءل الزعيم الإصلاحي عن سبب عدم التعامل مع الحادث في "ساوثبورت" باعتباره "مرتبطًا بالإرهاب"، واقترح "حجب الحقيقة" حول هوية المشتبه به.

وقال في برنامجه على قناة "جي بي نيوز" في وقت لاحق: "أنا فقط أطرح الأسئلة؛ لأنني مندهش من أنه في كل مرة يحدث فيها شيء مروع يقال لنا إنه ليس إرهابًا، أو إنه يتعلق بالصحة العقلية، وأنه لم يكن هناك ما يدعو للقلق بشأن رؤوسنا الصغيرة".

وفي هذه الأثناء، يواجه حزب العمال دعوات تطالب بفرض إجراءات صارمة على الأساليب التي يستخدمها اليمين المتطرف في بريطانيا.

وقالت نائبة رئيس الوزراء، أنجيلا راينر، إن فاراج "لا ينبغي له أن يثير هذه الأخبار الكاذبة على الإنترنت"؛ في حين ذهب بريندان كوكس -زوج نائبة العمل الراحلة جو كوكس التي قلت على يد متطرفين- إلى أبعد من ذلك بكثير.

وقال كوكس لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن تصريحات فاراج تجعله "ليس أفضل من تومي روبنسون في بدلة"، في إشارة إلى مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية اليميني المتطرف والمعادي للإسلام، بينما قال فاراج لوكالة الأنباء البريطانية إن هذه المقارنة "لا تستحق الازدراء".

وقد حافظ زعيم الإصلاح لفترة طويلة على مسافة بينه وبين روبنسون، حتى أنه استقال من حزبه القديم حزب الاستقلال البريطاني في عام 2018 بسبب "هوس" قيادته آنذاك به. لكن منتقديه يزعمون أن تعليقاته على الهجوم "تمنح نوعًا من الشرعية البرلمانية لوجهات نظر كانت ستبقى في السابق على هامش السياسة البريطانية".

كما حقق الإصلاح مكاسب حقيقية في الانتخابات التي جرت في يوليو الماضي، حيث حصل على 14% من الأصوات وحصل على خمسة مقاعد في البرلمان، وهو ما يجعل من الصعب اعتباره لاعبًا هامشية.