على الرغم من انخفاض شعبيته، والنتائج غير السارة التي شهدها في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، أنه ينوي الترشح لإعادة انتخابه العام المقبل.
وقال السياسي القادم للمستشارية من "الحزب الديمقراطي الاجتماعي"، خلال حديثه الصحفي السنوي أمس الأربعاء والذي استمر قرابة ساعتين: "الحزب متحد للغاية. نحن جميعًا عازمون على خوض الحملة معًا والفوز في الانتخابات الفيدرالية القادمة، وسأترشح لمنصب المستشار مرة أخرى".
وعندما سئل عن المرشحين الشباب المحتملين من الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليحلوا محله، قال شولتس إنه قد يرى نفسه باقيًا في منصب المستشار لأكثر من فترة أخرى.
وقال إن الحزب سيكون جاهزًا لذلك "في نهاية الدورة التشريعية المقبلة أو التي تليها".
وأضاف: "بحلول موعد إجراء انتخابات "البوندستاج" -البرلمان الألماني- سنكون قد قلبنا الأمور".
وقد اختارت حكومة شولتس في السابق 28 سبتمبر 2025 موعدًا للتصويت القادم؛ وسيصبح هذا التاريخ رسميًا بمجرد توقيع رئيس البلاد عليه.
بعيدًا عن الواقع
يبدو قرار المستشار الألماني بالاستمرار في مقعده غير متسق مع الواقع الذي تشهده ألمانيا في الوقت الحالي. فقد وجه الناخبون ضربة ساحقة للائتلاف الحاكم، المكون من "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" بزعامة شولتس، وحزب "الخضر"، و"الحزب الديمقراطي الحر" المؤيد لقطاع الأعمال. الأمر الذي أسفر عن أسوأ نتيجة انتخابية وطنية للحزب الذي يتزعمه شولتس منذ أكثر من قرن من الزمان.
وتحتل أكبر قوة معارضة في البلاد، وهي تحالف بين "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" وحزبه الشقيق الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري CSU، المركز الأول حاليًا في استطلاعات الرأي بنحو 31%، في حين يحتل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف المركز الثاني بنحو 17%، تاركا أحزاب الائتلاف الحاكم في الخلفية.
وفي استطلاع حديث للرأي أجراه معهد "ألينسباخ" بين صناع القرار والمسؤولين التنفيذيين في البلاد، كان فريدريش ميرز من حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، الذي من المتوقع أن يصبح الخصم الرئيسي لشولتس في العام المقبل، هو المفضل لدى 64% من المستطلعين، والذين يرونه المستشار القادم لألمانيا، بينما لم يحصل شولتس إلا على تأييد 33% من المشاركين.
حافز جيد
تشير "بوليتيكو" في نسختها الأوروبية إلى أن المستشار الألماني تراجع بزيادة قدرها 17% مقارنة بالعام الماضي. وأرجعت هذا التراجع إلى الصراع الداخلي المستمر في الائتلاف حول كل شيء منذ تشكيل الحكومة بعد انتخابات ألمانيا عام 2021، بدءًا من حرب روسيا في أوكرانيا، إلى خطة استبدال غلايات الغاز بمضخات حرارية، إلى العجز في الميزانية، إلى تأخير صنع السياسات وزعزعة استقرار التحالف.
وكان "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" قد حقق نتائج سيئة في استطلاعات الرأي قبل انتخابات 2021، لكنه تمكن من تحقيق عودة في اللحظة الأخيرة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المعسكر المحافظ الضعيف الذي واجه صعوبة في إقناع الناخبين بدون المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
لكن لا تزال هناك تساؤلات حول شعبية شولتز بين صفوفه أيضًا: فوفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة فورسا ونُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع، يريد واحد فقط من كل ثلاثة أعضاء في الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن يترشح مرة أخرى لمنصب المستشار في انتخابات عام 2025.
وقال شولتس عندما سئل عن الاستطلاع: "إن نتائج الاستطلاعات السيئة تشكل حافزًا جيدًا. يتعين علينا أن نكون مقنعين من خلال الأفعال، ومن خلال ما نقوم به وما فعلناه، ومن خلال الوضوح".
وقال شولتس إن تركيز الحكومة الألمانية خلال الأشهر الـ 14 المقبلة سينصب على النمو الصناعي، في إشارة إلى الاستثمارات الأخيرة والانتقالات في صناعات أشباه الموصلات والأدوية على التوالي.
في هذه الأثناء، يواصل الاقتصاد الألماني الانكماش، مع انخفاض الناتج الصناعي في يوليو إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، وفقًا لمؤشر مديري المشتريات التصنيعي في منطقة اليورو، التابع لشركة "ستاندرد آند بورز جلوبال".