دخل الاجتياح البري الإسرائيلي الجديد على خان يونس جنوبي قطاع غزة، يومه الثالث على التوالي، فيما ناشد الأطباء في مستشفى "ناصر" الأكبر في المدينة، الحصول على الإمدادات الطبية لإنقاذ الجرحى، الذين يتدفقون مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف المدفعي والقتال في الشوارع.
وواصل الاحتلال، لليوم الثالث على التوالي، عملياته في خان يونس، وشنَّ قصفًا بالدبابات، ونسف مباني سكنية شرقي المدينة، وأطلقت آلياته النار بكثافة اتجاه المنازل في بلدة بني سهيلا، وسط قصف مدفعي، إضافة إلى غارة استهدفت منزلًا في منطقة السطر، كما تعرّضت المنطقة الشرقية من مدينة حمد لقصف صاروخي من قبل طيران الاحتلال الحربي.
ونقلت وكالة" فرانس برس" عن مدير مستشفى ناصر محمد زقوت: "لا يوجد مكان لمزيد من المرضى. لا توجد مساحة في غرف العمليات. هناك نقص في الإمدادات الطبية، لذلك لا نستطيع إنقاذ مرضانا".
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) إن المستشفى يواجه "تدفقًا جماعيًا جديدًا للمصابين، وسط نقص حاد في وحدات الدم والإمدادات الطبية والأسرة".
وارتفعت حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي المكثف على خان يونس، إلى 89 شهيدًا، كما أصيب 263 آخرين بجروح، إضافة إلى فقدان 68 شخصًا.
وشنّ الاحتلال 130 غارة على المدينة وقصفها بالطائرات والدبابات ودمر 13 منزلًا فوق رؤوس ساكنيها، كما طال القصف 190 منزلًا ومبنى سكنيا، فضلًا عن محاصرة مئات العائلات وإجبار عشرات الآلاف من الفلسطينيين على النزوح، وسط أوضاع إنسانية وطبية كارثية بفعل غارات الاحتلال المكثفة والعنيفة، وفق بيان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وفرّ سكان في الأحياء الشرقية لخان يونس من منازلهم مع توغل الدبابات الإسرائيلية في عمق المنطقة بعد أن أصدر الاحتلال أوامر للسكان بإخلاء منازلهم.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن 150 ألف شخص نزحوا من خان يونس خلال يوم الاثنين فقط، بعد إصدار الاحتلال أوامر للمواطنين في الأحياء الشرقية من المدينة بـ"الإخلاء الفوري"، والتوجه نحو "المنطقة الإنسانية" المستحدثة في المواصي غربي المدينة.
ونقلت "فرانس برس"، عن أحد السكان المحليين الذين أجبروا على النزوح، قوله: "غزة انتهت، غزة ماتت، غزة ذهبت. لم يبق شيء، لا شيء".
وتخشى منظمات الإغاثة أن تكون أوامر التهجير الأخيرة التي أصدرتها قوات الاحتلال الإسرائيلية، التي أثرت على ما يقدر بنحو 400 ألف شخص في خان يونس، وأجزاء من منطقة المواصي الساحلية، تجبر الناس ببساطة على العودة إلى مناطق غير آمنة تم استهدافها بشكل متكرر بالغارات الجوية والمدفعية.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن أمر الإخلاء الجديد الصادر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشمل نحو 8.7 كيلومتر مربع فيما يسمى بـ"المنطقة الإنسانية" في منطقة المواصي بخان يونس، ما يقلل مساحة المنطقة بنسبة 15٪ تقريبًا.
وأضاف المكتب، إن جيش الاحتلال يأمر أي شخص يقيم في شرق خان يونس بالفرار "إلى المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي غربًا"، التي تم تصنيفها سابقًا كمنطقة إنسانية.
وقدرت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، الأونروا، أن أكثر من 80٪ من إجمالي مساحة أراضي قطاع غزة "وضعت تحت أوامر الإخلاء أو تم تحديدها كمنطقة محظورة".
وقالت لويز ووتردج، المتحدثة باسم "الأونروا" على الأرض في غزة، لراديو بي بي سي 4: "إننا نسمع نفس السؤال باستمرار: إلى أين أذهب؟".
ومع فرار الفلسطينيين، العديد منهم للمرة الرابعة أو الخامسة أو أكثر، إلى مناطق ذات بنية تحتية متدهورة، حذّر مسؤولون من منظمة الصحة العالمية من "خطر كبير" لانتشار شلل الأطفال.
وقالوا إنه تم اكتشاف آثار الفيروس الذي يهدد الحياة في المياه الجوفية في خان يونس ودير البلح وسط القطاع، حيث أظهرت صور من غزة أشخاصًا يحاولون التنقل في برك من المياه القذرة في الشوارع التي دمرها القتال والقصف.
ويواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، ما أسفر عن استشهاد 39.090 مواطنًا أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 90.147 آخرين، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفي الطرقات حيث لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.