لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية لتتمكن من الوصول للقمر عبر رحلة أبولو 11، لولا قيامها بعملية تجسس على أعلى مستوى نفذتها وكالة الاستخبارات الأمريكية على نظرائهم السوفيت، الذين استطاعوا الوصول قبلهم إلى سطح القمر.
واحتدم السباق بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في الخمسينيات والستينيات، بهدف التأثير على العالم كونهما القوتين العظميين في ذلك الوقت والمختلفتين في الأيديولوجية السياسية والاقتصادية، وبحسب موقع "سبايس إكس" كانت البراعة التكنولوجية والعسكرية صاحبة التأثير الأعلى لاستقطاب الدول.
ضربة لناسا
ودخل السباق نحو الفضاء في أتون تلك المعركة المشتعلة بين الطرفين، وكان الوصول إلى القمر بأي طريقة، أحد أهم الأهداف الاستراتيجية لكلا البلدين، بل اشتد ذلك الصراع توترًا، عندما أعلن الرئيس الأمريكي وقتها جون كينيدي، إرسال رجل إلى القمر، وهو ما أضاف حالة من الزخم على الصراع.
في 12 أبريل 1961، كان الاتحاد السوفيتي على موعد مع نصر كبير في خضم الحرب الباردة بين الطرفين، إذ نجحوا في إرسال يوري جاجارين للفضاء، وقيامه بإتمام دورة كاملة حول الأرض، وهو ما عزز مخاوف أمريكا في تأخرها في السباق التكنولوجي مع الاتحاد السوفيتي.
نصر كبير
ضربة أخرى وجهها السوفيت للولايات المتحدة، عندما تمكنوا في 4 أكتوبر 1957، من إطلاق "سبوتنيك 1" أول قمر صناعي إلى مدار الأرض المنخفض، ثم تلاها الاتحاد السوفيتي بنصر كبير في هذا الملف، عندما تمكن من هزيمة الأمريكيين في ذلك الصراع والوصول قبلهم إلى سطح القمر في 13 سبتمبر 1959.
هذا الأمر كان بمثابة ضربة كبيرة لجهود ناسا التي حاولت مرارًا وتكرار الوصول إلى هناك بداية عام 1961 عن طريق برنامج أبولو، حيث تمكن الروس بحسب الموقع من إرسال مركبة فضائية تحمل رايات معدنية عليها شعار الاتحاد السوفيتي عن طريق المركبة الفضائية لونيك 2.
أساليب التجسس
لم يجد الأمريكيون بدًا سوى أساليب التجسس والاستخبارات من أجل الحصول على معلومات ثاقبة حول كيفية بناء الاتحاد السوفيتي للمعدات المتجهة إلى القمر، بعدما فشلت ناسا في إتمام ذلك الأمر، وكانت النتيجة نجاح وكالة الـCIA، في القيام بعملية تجسس سرية على معرض سوفيتي في عام 1959.
في هذا المعرض قام الاتحاد السوفيتي بعرض نموذج من المركبة الفضائية عبارة عن نظام تشغيلي كامل قابل للمقارنة مع لونيك 2، وذلك بهدف الترويج للإنجازات الصناعية والاقتصادية السوفيتية، وكان الحصول عليها بمثابة مهمة مستحيلة، والتي كانت تتضمن تفكيك ذلك النموذج وتوثيق التقنيات والتكنولوجيات التي استخدمها علماء الاتحاد السوفيتي.
اختطاف لونيك
تم تنفيذ تلك العملية التجسسية، التي رفعت الاستخبارات الأمريكية السرية عنها من الأرشيف الوطني، بين عشية وضحاها ودون علم الاتحاد السوفيتي، وتمكن فريق من ضباط وكالة المخابرات المركزية من الوصول غير المقيد إلى العرض لمدة 24 ساعة، وبحسب الموقع تمكنوا من تفكيك الجهاز وصوروا جميع الأجزاء دون إخراجها من صندوقها.
كان الجزء الأكثر حساسية في تلك المهمة، التي أطلق عليها المؤرخ الفضائي دواين داي مهمة "اختطاف لونيك"، محاولة إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، حيث إن الطريقة التي صممت بها مقصورات الجهاز والمحرك منعت التوجيه البصري لإعادة تجميع الأجهزة الفضائية بسهولة.
معلومات ثمينة
مكث رجال الاستخبارات ما يقرب من ساعة لإعادة الأمور إلى مكانها، كما تشير الوثيقة، حيث كان أحد الرجال يحاول وضع الكرة في الموضع الصحيح تمامًا، وكان الآخر في حجرة المحرك يحاول ربط الخيوط، وبعد عدة محاولات غير مجدية والعديد من اللحظات الصعبة تم تنفيذ المهمة.
تكشف المخابرات أنها اكتسبت معلومات استخباراتية لا تقدر بثمن عن تصميم وقدرات لونيك 2، وتمكنوا من الحصول على علامات المصنع من داخل المركبة الفضائية السوفيتية، وحددوا هوية ثلاثة منتجين كهربائيين، قاموا بتوريد المكونات، وحتى نظام ترقيم الأجزاء، وعلموا أنها كانت الخامسة التي تم تصنيعها.