في خطوة تهدد بإشعال سباق تسلح جديد في الفضاء، تسعى روسيا لنشر أسلحة نووية مضادة للأقمار الصناعية في المدار؛ مما أثار قلق واشنطن وحلفائها، وفي ظل هذه التطورات المثيرة للجدل، تحاول إدارة بايدن بشتى الطرق إقناع موسكو بالتراجع عن هذه الخطط الخطيرة، من خلال المفاوضات والضغوط الدبلوماسية المكثفة.
جهود دبلوماسية حثيثة لاحتواء التهديد
كشفت تصريحات مسؤولين كبار في وزارة الدفاع الأمريكية لصحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن جهود دبلوماسية حثيثة لاحتواء التهديد الناشئ من الخطط الروسية لنشر أسلحة نووية مضادة للأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي، إذ يقول جون بلامب، مساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الفضاء، إن واشنطن تجري محادثات مع موسكو والدول الحليفة، بهدف منع روسيا من الاستمرار في هذه الخطوة الخطيرة التي تهدد بتصعيد حرب باردة جديدة في الفضاء.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى سعي الإدارة الأمريكية لاستغلال منصات دولية مثل الأمم المتحدة، بالإضافة إلى الضغط على روسيا عبر دول نافذة مثل الصين والهند، للتراجع عن هذه الخطط التي من شأنها زعزعة الاستقرار الاستراتيجي في المجال الفضائي.
خطوة "غير مسؤولة"
على الرغم من تأكيدات المسؤولين الأمريكيين أن نشر روسيا لهذه الأسلحة لا يشكل تهديدًا وشيكًا للأرض في الوقت الراهن، إلا أنهم يعتبرون هذه الخطوة "غير مسؤولة" وتتعارض مع المبادئ والقواعد الدولية المنظمة للأنشطة الفضائية.
ويؤكد "بلامب" بحسب ما تشير بوليتيكو أن واشنطن تعمل مع حلفائها لإقناع روسيا بضرورة الابتعاد عن هذا السلوك الذي قد يدفع دولًا أخرى إلى اللحاق بها، مشيرًا إلى أن الجهود الدبلوماسية تحرز تقدمًا إلى حد ما، لكن القرار النهائي يعود للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعتبر "صانع القرار النهائي" في هذا الشأن.
تهديد خطير للأمن القومي الأمريكي
جاءت تصريحات بلامب بعد شهرين من إثارة رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، مايك تورنر، لمخاوف حادة حول هذا التهديد الذي وصفه بـ"التهديد الخطير للأمن القومي الأمريكي".
وكشفت تقارير إعلامية سابقة أن هذه المخاوف تتعلق بخطوات روسية متقدمة لوضع صواريخ نووية مضادة للأقمار في الفضاء، الأمر الذي أثار قلقًا بالغًا في أروقة الإدارة الأمريكية؛ خشية تعريض المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة للخطر.
ويعترف بلامب بأن تصريحات تورنر العلنية جاءت مفاجئة وغير متوقعة، خاصة أن إحاطات إضافية حول هذا التهديد كانت مقررة للمشرعين، مشيرًا إلى مخاوف من أن الكشف العلني عن هذه المعلومات قد يعرقل المساعي الدبلوماسية مع موسكو.
جهود أمريكية ونفي روسي
على الصعيد الدولي، أشار بلامب إلى جهود الولايات المتحدة في الأمم المتحدة لتأكيد الالتزام بمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967 التي تحظر استخدام الصواريخ النووية في الفضاء، مؤكدًا أن واشنطن تركز على فرض "المعايير والقواعد" السلوكية في الفضاء الخارجي، بدلًا من السعي لعقد معاهدات جديدة.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة دعمت قرارًا في الأمم المتحدة يحذر الدول من وضع أسلحة نووية في المدار، داعيًا روسيا للانضمام إلى هذا القرار.
من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أخيرًا أنه "ليس لديه أي نية" لإطلاق أسلحة نووية في المدار ما لم تتعرض روسيا لتهديد مباشر، في حين أكد المسؤولون الأمريكيون عدم وجود مؤشرات على اقتراب موسكو من إطلاق أو اختبار مثل هذه الأسلحة في الوقت الراهن.