دائمًا ما يطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن والديمقراطيون من خلفه، تحذيرات كبيرة ضد مشروع 2025، الذين اتهموا ترامب بأنه يقف خلفه ويسعى لتنفيذه إذا فاز بولاية أخرى، لكن المرشح الجمهوري ينفي بشدة أي علاقة له بهذا المشروع نهائيًا، فما تفاصيله ولماذا يخافه الديمقراطيون ويبتعد عنه الجمهوريون.
فكرة مشروع 2025 تم تجميعها داخل كتاب مكون من 1000 صفحة، أطلقته مؤسسة هيريتيج، التي تعد أحد أبرز مراكز الفكر والرأي الأمريكية المؤثرة، بمشاركة ما يزيد على 100 منظمة و400 باحث وخبير سياسي جميعهم من الحركة المحافظة الأمريكية، وبحسب الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين هناك أكثر من 140 باحثًا يعتبرون مسؤولون سابقون في إدارة ترامب الأولى بجانب شخصيات يمينية بارزة.
تفكيك الدولة الإدارية
جاء في مقدمة الكتاب التي جاءت تحت مسمى "مشروع الانتقال الرئاسي 2025" واطلعت "القاهرة الإخبارية" على نسخته عبر الإنترنت، أن الحكومة الفيدرالية العملاقة تم تسليحها ضد المواطنين الأمريكيين والقيم المحافظة، وأشاروا إلى أن الحرية الأمريكية تحت الحصار كما لم يحدث من قبل، وتكمن مهمتهم في عكس هذا المد واستعادة الجمهورية إلى ما وصفوه بمراسيها الأصلية.
ذلك الأمر من وجهة نظرهم يتطلب العمل الجماعي، خاصة مع اقتراب يناير 2025، وأمامهم فرصة واحدة لإنجاز الأمور بشكل صحيح، وأطلقوا نداءً إلى ما أشاروا إليهم بالجيل الجديد من الأمريكيين من أجل تكوين جيش من المحافظين المتوافقين مع رؤيتهم، إذ يتم فحصهم وتدريبهم وإعدادهم من أجل بدء العمل في اليوم الأول من بداية تفكيك الدولة الإدارية.
وتحذير الديمقراطيين من مشروع 2025، كما تقول وكالة أكسيوس، يعود إلى أن خريطة الطريق التي وضعها الكتاب تعتمد على برامج ومبادرات يعمل عليها الحزب الجمهوري منذ فترة طويلة، وأن مؤسسة هيريتيج تفاخرت بأن ترامب نفذ ما يقرب من ثلثي توصياتها في غضون عام من توليه منصبه لأول مرة.
إلغاء برامج ووكالات
من أبرز الخطط التي يدعو إليها مشروع 2025، حل الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي - NOAA - ونقل وظائفها إلى وكالات أخرى أو إلغائها بالكامل، لأن أبحاثها بشأن آثار تغير المناخ الناجمة عن انبعاثات الغازات تضر بازدهار الولايات المتحدة في المستقبل، كما طالبوا بخصخصة خدمة الأرصاد الجوية التي تطلق توقعات الطقس والتحذيرات المجانية للجمهور.
وأيضًا سيعمل مشروع 2025 على إلغاء البرامج الفيدرالية، التي تهدف إلى دعم الذين يعانون صعوبات اقتصادية والأطفال الذين يعيشون في فقر، ووفقًا لأكسيوس، من شأن هذا الأمر أن يضر برنامج SNAP للمساعدة في التغذية، الذي يخدم نحو 41 مليون شخص أي ما يقرب من 10% من السكان شهريًا.
وبرنامج آخر يسعى مشروع 2025 لإلغائه، برنامج Head Start، الذي يقدم تعليمًا مجانيًا وخدمات الصحة والتغذية للأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض، وهو ما يؤثر كما تقول "أكسيوس" على 800 ألف طفل ثلثهم من السود أو الإسبان أو اللاتينيين، كما يسعى للحد من عدد الأطفال الذين يمكنهم الحصول على وجبات مدرسية مجانية.
السيطرة على السلطة التنفيذية
على هذا المنوال يعمل مشروع 2025 على إنهاء برامج أخرى كثيرة مثل الرعاية الطبية، وإنهاء جميع أشكال تخفيف أعباء ديون الطلاب - وافق بايدن على إعفاء 4 ملايين مقترض من ديونهم خلال ولايته -، وهو البرنامج الذي يراه الجمهوريون بأنه هبة غير دستورية وسعوا لإلغائه داخل جدران الكونجرس.
ويدعو مشروع 2025 إلى إلغاء التمويل عن مؤسسة البث العام "CPB"، التي لديها مخصصات سنوية من الحكومة بقيمة 500 مليون دولار وتدعم أكثر من 1500 محطة تلفزيونية وإذاعية عامة غير تجارية وتعمل بصورة مجانية، وهو ما يجعلها تكافح من أجل البقاء والبحث عن مصادر إنفاق لاستكمال عملها أو إغلاقها.
ومن السياسات التي يتبناها مشروع 2025 أيضًا فكرة أن الرئيس الأمريكي يجب أن تكون له السيطرة المطلقة على السلطة التنفيذية، مع توسيع صلاحياته الرئاسية، ووفقًا للرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، سيتم وضع عدة وزارات مثل التجارة والاتصالات والعدل تحت سيطرة الرئيس المباشرة، ما يؤدي إلى تبسيط عملية صنع القرار الأمريكي.
محور الحياة الأمريكية
يطالب مشروع 2025، الرئيس الجمهوري المقبل بوقف الحرب التي تقودها الإدارة الديمقراطية على النفط والغاز الطبيعي، والعودة إلى العملة المدعومة بالذهب، وسحب الموافقة على حبوب الإجهاض لاستعادة الأسرة مكانتها باعتبارها محور الحياة الأمريكية، بعد أن فرضت الحكومة الفيدرالية عليهم القيم الليبرالية الغربية.
ومن السياسات أيضًا طرد ما يصل 500 ألف موظف فيدرالي، وطرد المتحولين جنسيًا من الجيش، وإلغاء الإشارة إلى التنوع والمساواة، وترحيل الأشخاص غير المسجلين، وزيادة التمويل لبناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، وإسقاط الملاحقات القضائية ضد قادة اليمين المتطرف.
ثورة أمريكية ثانية
رئيس مؤسسة هيريتيج كيفن روبرتس، وصف مشروع 2025 بأنه بمثابة "ثورة أمريكية ثانية"، وبالرغم من أن القائمين على المشروع ممن كانوا أذرع ترامب في البيت الأبيض، إلا أن رفضه له وتنصله منه علانية يكمن في رغبته في الحفاظ على قاعدته الانتخابية، التي ارتفعت بشكل كبير بعد المناظرة الرئاسية، التي كانت بمثابة كارثة على الرئيس الحالي جو بايدن.
وأخيرًا، توقع المحللون أن يحدث الكثير من أعمال الشغب والانقسام الحاد الذي سينتهي بحرب أهلية أمريكية لا محالة بسبب ما يتضمنه المشروع من تقييد وتشديد على حريات ومكتسبات للشعب الأمريكي، لكن الجمهوريين المشاركين في المشروع يبدوا أنهم يستعدون لهذا الأمر، فبحسب أكسيوس، يفحصون أيدلوجية آلاف من الجنود المشاة المحتملين لتثبيت جيش مؤيد لترامب، كجزء من عملية غير مسبوقة لمركزية وتوسيع سلطته على كل مستوى من مستويات الحكومة الأمريكية إذا فاز في عام 2024.