أظهر تحقيق أجرته شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، أن القادة السابقين لكتيبة "نيتساح يهودا"، الوحدة العسكرية في جيش الاحتلال، التي تتهمها الولايات المتحدة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، تم ترقيتهم لمناصب عليا في جيش الاحتلال، وينشطون الآن في تدريب القوات البرية الإسرائيلية، وكذلك إدارة العدوان على غزة.
ومن بين النتائج التي توصلت إليها الشبكة الإخبارية الأمريكية، كانت هناك شهادة نادرة للمبلغين عن المخالفات من جندي سابق في الوحدة المتطرفة بجيش الاحتلال، إذ وصف القيادة بأنها "تشجع ثقافة العنف"، وهي قضية حددتها تحقيقات وزارة الخارجية الأمريكية.
وفي أبريل، أعلنت الخارجية الأمريكية، أن خمس وحدات عسكرية في جيش الاحتلال ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، قبل اندلاع الحرب على غزة.
وقالت الوزارة، إن أربعًا من الوحدات "عالجت بشكل فعال" أو أصلحت نفسها في أعقاب تلك الانتهاكات، لكنها لا تزال تقرر ما إذا كانت ستحجب المساعدة العسكرية الأمريكية عن الوحدة المتبقية، وهي كتيبة "نيتساح يهودا"، التي تم إنشاؤها في الأصل لاستيعاب اليهود الأرثوذكس المتطرفين في جيش الاحتلال.
وأثارت الأخبار التي تفيد بأن الولايات المتحدة قد تحجب المساعدة عن الوحدة العسكرية الإسرائيلية ردود فعل غاضبة في ذلك الوقت من كبار مسؤولي الاحتلال، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قال: "إذا كان أي شخص يعتقد أنه يستطيع فرض عقوبات على وحدة من الجيش الإسرائيلي، فأنا سأقاتل بكل قوتي".
وفي رسالة حصلت عليها "سي. إن. إن"، أخبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، رئيس مجلس النواب مايك جونسون أن الولايات المتحدة تعمل مع إسرائيل على تحديد طريق للعلاج الفعال لكتيبة "نيتساح يهودا".
ولم تذكر الرسالة اسم الوحدة، لكن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، أكدوا للشبكة الإخبارية الأمريكية، أن بلينكن كان يشير إلى "نتساح يهودا"، المتهمة بارتكاب سلسلة من الانتهاكات في الضفة الغربية المحتلة على مدى السنوات العشر الماضية، بما في ذلك مقتل فلسطيني يحمل الجنسية الأمريكية يبلغ من العمر 78 عامًا في عام 2022.
وباستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجه وغيرها من التقنيات، وجدت "سي. إن. إن" أن ثلاثة قادة سابقين لكتيبة نيتساح يهودا، الذين كانوا مسؤولين عن الوحدة في وقت الانتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، تمت ترقيتهم لمناصب عليا في جيش الاحتلال.
وتتبعت الشبكة الأمريكية هؤلاء القادة من خلال مطابقة وجوههم مع الصور المتاحة للجمهور على مر السنين، بدءًا من صور الاحتفالات العسكرية إلى تحديثات ساحة المعركة.
وتحدثت الشبكة مع جندي سابق في الكتيبة العسكرية المتطرفة بجيش الاحتلال، والذي فصّل حالات المعاملة القاسية والعنيفة المفرطة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وقال الجندي السابق إن قادة الوحدة دعموا بنشاط العنف لدى جنود الوحدة، مشيرًا إلى أن ترقيتهم إلى مناصب عليا في جيش الاحتلال "تخاطر بجلب نفس الثقافة إلى أجزاء أخرى من الجيش".
وأضاف الجندي السابق، أن الوحدة معروفة بتنفيذ ما وصفه بـ"العقاب الجماعي للفلسطينيين". وضرب مثالًا على مهاجمة جنود الكتيبة المتطرفة قرية فلسطينية، حيث انتقلت من بيت إلى بيت بالقنابل الصوتية وقنابل الغاز، انتقامًا من بعض الأطفال الفلسطينيين الذين رشقوا جنود الاحتلال بالحجارة.
وقال إنه أثناء وجوده في "نتساح يهودا"، لعب قادة الكتيبة المتطرفة دورًا رئيسيًا في إدامة ثقافة العنف، سواءً من خلال الوقوف متفرجًا كما حدث أو الترويج له.
وفي سياق تحقيقها الذي استمر شهرًا، تحدثت "سي. إن. إن" مع العديد من المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين، الذين كشفوا عن الإحباط الشديد داخل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إزاء المعاملة الخاصة التي تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل قواتها.
وقال مسؤولون أمريكيون سابقون، إن حقيقة استمرار ترقية قادة "نتساح يهودا" السابقين في جيش الاحتلال كانت نتيجة مثيرة للقلق لتقاعس أمريكا عن العمل، ويمكن أن تكون لها عواقب مدمرة.
وكشف تحقيق "سي. إن. إن" أن ماتي شيفاح، الذي كان يقود نتساح يهودا، وقت مقتل الفلسطيني الأمريكي عمر الأسد بعد اعتقاله في الضفة الغربية المحتلة عام 2022، تمت ترقيته إلى منصب نائب قائد "لواء كفير" الذي يشرف على نتساح يهودا، بعد وقت قصير من انتهاء فترة ولايته التي استمرت عامين في قيادة الكتيبة الأرثوذكسية المتطرفة في أغسطس 2022. والآن، يدرب "شيفاح" جنود الاحتلال على القتال في غزة، وفقًا لبيان صحفي لجيش الاحتلال وتقارير إعلامية.
ووجد تحقيق الشبكة الأمريكية أيضًا، أن قائديْن آخريْن أشرفا على نتساح يهودا وقت الانتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، تمت ترقيتهما أيضًا، وهما نيتاي أوكاشي، الذي يقود لواءً في جيش الاحتلال يشارك بقوة في حرب الإبادة على غزة. وأوري ليفي، الذي كان مسؤولًا عن نتساح يهودا من عام 2014 إلى عام 2016، والآن يشارك في المحادثات الإسرائيلية مع الأمريكيين لرفع العقوبات عن الكتيبة المتطرفة.
وفي 16 أبريل، شاركت "نتساح يهودا" تحت قيادة شلومو شيران، في العدوان على مدرسة في بيت حانون شمالي غزة، حيث كان الآلاف من النازحين الفلسطينيين يحتمون. وقال شهود عيان إن الجنود حاصروا المدرسة، و"أطلقوا النار بشكل مفرط" على المجمع، وأجبروا الرجال على التعري قبل اعتقالهم.
وقال الجندي السابق في "نتساح يهودا"، إن السماح للكتيبة بالقتال في غزة بعد انسحابها من الضفة الغربية المحتلة في أعقاب حوادث عنف هو "أمر "مثير للسخرية والقلق".