"عقيدة فاشلة".. هكذا وصف تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية المعتمدة على "القبة الحديدية"، وأن إدمان تل أبيب عليها أدى إلى تآكل سياسة الردع الحقيقية، فالاعتماد على التكنولوجيا أدى إلى تقليل نفوذ وكفاءة العامل البشري الذي تكون له الكلمة العليا مع استخدام وسائل تقليدية في الحروب.
وكان يُعتقد أن القبة الحديدية ستوفر لإسرائيل الحماية والوقت لاتخاذ قرار الحرب، لكن تغير كل ذلك في عملية "طوفان الأقصى"، التي نجحت باستخدام تكتيكات "الطراز القديم للهجوم"، بموجة بشرية انهارت أمامها بسهولة دفاعات إسرائيل التكنولوجية الفائقة.
لذا، يشير تحليل لصحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أن عقد من الاعتماد على التكنولوجيا وتقليص القوات البرية أدى إلى إهمال شديد للعقائد الأمنية الأساسية لجيش الاحتلال، إذ أدى الاعتماد على استراتيجية متجذرة في الدفاع الجوي إلى تقليص قوة الردع الإسرائيلي "ففي الشمال، فضلت إسرائيل إجلاء الناس من الحدود بدلًا من محاربة حزب الله اللبناني".
مجتمع محاط بالجدران
وأكد التحليل أن قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ أيام ديفيد بن جوريون، أدركت أن أفضل استراتيجية لإسرائيل هو الهجوم الخاطف بدلًا من الدفاع.
وقال: "أدركت إسرائيل أن السماح لأعدائها بمحاصرتها بأنظمة الأسلحة المتقدمة، من شأنه أن يعرض الدولة اليهودية للخطر. ولهذا السبب، سعت إسرائيل دائمًا إلى ترسيخ عقيدتها في الحصول على أسلحة متقدمة جديدة قادرة على تغيير قواعد اللعبة، وحرمان أعدائها من أسلحة مماثلة".
ويلفت تحليل الصحيفة العبرية إلى أن العقيدة القديمة تغيرت في العقد ونصف العقد الماضيين مع تغير استراتيجية إسرائيل "فقد تحوّلت البلاد من الاستعداد للحروب إلى مجتمع محاط بالجدران، وسمح ذلك لأعداء مثل حزب الله وحماس بأن يصبحوا أكثر قوة بشكل كبير".
عقيدة فاشلة
قال خبراء الأمن الإسرائيليون للصحيفة، إن هذا أمر جيد، لأن إسرائيل تتقدم أيضًا في قدراتها العسكرية، وإن الذخائر الدقيقة قادرة على تحييد التهديدات؛ كانت إيران قادرة على التقدم أقرب إلى حدود دولة الاحتلال منذ عام 2015.
وبعد 7 أكتوبر، استمرت تل أبيب في الاعتماد على عقيدة متجذرة في الدفاعات الجوية كاستراتيجية "لقد أخلت الشمال والجنوب، وتعتقد أن الدفاعات الجوية تستمر في كسب الوقت. لقد نجح مفهوم القبة الحديدية في شراء الوقت لإسرائيل لاتخاذ القرار عندما لم يتمكن أعداء إسرائيل من اختراق الدفاعات الجوية وعندما لم يتأثر الجمهور الإسرائيلي كثيرًا بالحرب".
وأكد التحليل أن "العيش تحت نيران الصواريخ التي لا تنتهي وإخلاء الحدود ليس عقيدة للنجاح".
وقال: "لا تستطيع إسرائيل مواجهة أعدائها رجلًا لرجل. إسرائيل دولة صغيرة، ولا يمكنها أن تتكبد تكاليف باهظة طوال الوقت، لأنها تعتمد على التجارة وتريد أن تكون جزءًا من العالم الأول. إن الحروب التي لا تنتهي ليست وصفة للنجاح".
وأضاف التحليل: "كان يُعتقد، ذات يوم، أن القبة الحديدية ستوفر لإسرائيل الحماية والوقت للرد على الهجمات بدلًا من الانغماس في الحروب على عجل. اليوم، من الواضح أن الاعتماد على هذا كاستراتيجية أدى إلى حذر لا نهاية له وخوف من خوض حروب كبيرة".
وشددت الصحيفة على أنه "في كل مرة تصطدم فيها إسرائيل مع حماس، فإن حزب الله اللبناني انتزع حقًا في إمطار شمال إسرائيل بالصواريخ والطائرات دون طيار والقذائف".
وتابعت: "الجوانب الأكثر تدميرًا لحرب السابع من أكتوبر محسوسة الآن على جبهات متعددة. إن قدرة حزب الله على إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل، وخوض حرب بين الحروب داخل إسرائيل، كارثة تاريخية للدولة العبرية".