الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رغبةً في "الصورة الموحدة".. لوبان تعيد ترتيب صفوف اليمين الفرنسي

  • مشاركة :
post-title
مارين لوبان

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أسفرت الانتخابات التشريعية الفرنسية الأخيرة، عن تحولات جذرية، خاصة في معسكر اليمين المتطرف، إذ أُعيد انتخاب مارين لوبان رئيسةً لأكبر كتلة برلمانية يمينية في الجمعية الوطنية (البرلمان)، ما يضعها في موقع قوة غير مسبوق.

هذا الموقع يأتي محفوفًا بتحديات داخلية وخارجية تسعى لوبان لمواجهتها بحزم وحنكة سياسية، واستعرضت صحيفة لوموند الفرنسية أبرز التطورات داخل حزب التجمع الوطني وتداعياتها على المشهد السياسي الفرنسي.

قفزة نوعية

وفقًا لما كشفته صحيفة لوموند في تقرير مفصل، شهد حزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان قفزة نوعية في تمثيله البرلماني، إذ ارتفع عدد نوابه من 88 نائبًا قبل حل البرلمان إلى 143 بعد الانتخابات الأخيرة، وهذه الزيادة الكبيرة التي لم تكن متوقعة، تعكس تحولًا في المزاج الشعبي الفرنسي.

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذا الارتفاع الملحوظ يمنح الحزب قوة تصويتية غير مسبوقة داخل البرلمان، فللمرة الأولى في تاريخ الجمهورية الخامسة، يتمكن حزب يميني متطرف من تشكيل كتلة برلمانية ضخمة، ما يضع التجمع الوطني في موقع يمكنه من التأثير على مسار التشريعات والقرارات البرلمانية.

ضبط الصف الداخلي

وفي خطوة تعكس حرصها على تماسك الحزب، كشفت "لوموند" عن أن لوبان سارعت إلى ضبط الصف الداخلي لحزبها بعد الانتخابات مباشرة، إذ عقدت اجتماعًا حاسمًا مع النواب الجدد، طالبت خلاله بالامتناع عن التعبير عن الآراء الشخصية.

ويرى محللون سياسيون، وفقًا لما نقلته لوموند، أن هذه الخطوة تهدف إلى تجنب الانقسامات الداخلية التي قد تنشأ عن تباين وجهات النظر، كما أنها تسعى لتقديم صورة موحدة للحزب أمام الرأي العام الفرنسي والدولي.

ومع ذلك، يثير هذا التوجه تساؤلات حول مدى الديمقراطية الداخلية في الحزب وقدرة النواب على تمثيل ناخبيهم بحرية.

التصريحات المثيرة للجدل

كشف الصحيفة الفرنسية عن وجود تباين في تعامل قيادة الحزب مع التصريحات المثيرة للجدل الصادرة عن بعض النواب الجدد، فعلى سبيل المثال، تم استبعاد النائب دانييل جرينون من صورة المجموعة البرلمانية الرسمية بعد تصريحات اعتبرت معادية للمهاجرين من أصول مغاربية.

وهذا الإجراء الصارم يبدو أنه يهدف إلى نشر رسالة واضحة حول عدم التسامح مع خطاب الكراهية.

ومع ذلك، يبدو أن الحزب يتعامل بمرونة أكبر مع حالات أخرى، إذ أشارت لوموند إلى أن النائبة فلورانس جوبير، التي أدلت بتصريحات اعتبرها البعض عنصرية، والنائب رينيه ليوريه، الذي نشر تعليقات معادية للتطعيم ضد كوفيد-19، لم يواجها عقوبات مماثلة.

ويثير هذا التباين في التعامل تساؤلات حول معايير الحزب في التعامل مع مثل هذه القضايا.

التعامل مع الخلافات

وفقًا لما أوردته "لوموند"، فإن التجمع الوطني أنشأ لجنة خاصة للتعامل مع النزاعات الداخلية، لكن لا تزال تفاصيل عمل هذه اللجنة وموعد انعقادها غامضين، ما يثير الكثير من التكهنات حول آلية اتخاذ القرار داخل الحزب وكيفية التعامل مع الخلافات الداخلية.

نقلت لوموند تصريحات لجوردان بارديلا، أحد أبرز قادة الحزب، قال فيها إن "كل من يدلي بتصريحات تتعارض مع قناعاتنا سيتم طرده"، ويعكس هذا التصريح الحاد رغبة القيادة في فرض انضباط صارم داخل صفوف الحزب.

ومع ذلك، فإن التطبيق العملي لهذه السياسة يبدو أكثر تعقيدًا، خاصة مع وجود تفاوت في التعامل مع الحالات المختلفة.

تقييم النتائج الانتخابية

رغم الزيادة الكبيرة في عدد النواب، فإن حزب التجمع الوطني لم يحقق الأغلبية المطلقة التي كانت تطمح إليها لوبان.

ومع ذلك، تصر لوبان، وفقًا لما نقلته لوموند، على عدم اعتبار نتائج الانتخابات هزيمة، إذ نقلت الصحيفة عنها قولها للنواب: "أولئك الذين تحدثوا عن هزيمة في الانتخابات التشريعية خلال الثماني وأربعين ساعة الماضية، كما قلت لبعضكم: دعوا الغبار يهدأ".

ويرى محللون سياسيون أن هذا الموقف يعكس محاولة لوبان للحفاظ على معنويات أعضاء حزبها وتصوير النتائج بشكل إيجابيـ، كما أنه يهدف إلى تجنب أي انطباع بالضعف أمام الخصوم السياسيين والرأي العام، ومع ذلك، فإن هذا الموقف قد يواجه تحديات في ظل الطموحات العالية التي كان يتبناها الحزب قبل الانتخابات.