تزايدت المخاوف الدولية من نشوب حرب واسعة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، مع التصعيد الذي شهدته الهجمات المتبادلة بين الطرفين.
تصعيد الهجمات المتبادلة
ومنذ الأربعاء، أعلن حزب الله إطلاق أكثر من 300 صاروخ وعددًا من المُسيّرات على مقار عسكرية في المستوطنات الشمالية وهضبة الجولان المحتلّة، ردًّا على اعتيال جيش الاحتلال قياديًا بارزًا في الحزب.
وكان جيش الاحتلال اغتال محمد نعمة ناصر في غارة جوية على منطقة صور، وهو ثالث قيادي كبير يقتل في جنوب لبنان منذ بدء التصعيد قبل نحو تسعة أشهر.
وأعلن جيش الاحتلال أن "ناصر" كان مسؤولًا عن عمليات إطلاق القذائف الصاروخية من منطقة جنوب-غرب لبنان على المستوطنات الشمالية.
وفي يناير، قُتل القيادي العسكري في حزب الله وسام الطويل، بضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في جنوب لبنان.
وفي يونيو، قُتل القيادي طالب عبد الله الذي كان كذلك قائد واحد من المحاور الثلاثة في جنوب لبنان في غارة اسرائيلية استهدفت منزلًا في بلدة جويا الواقعة على بعد نحو 15 كيلومترًا من الحدود مع إسرائيل إلى جانب ثلاثة عناصر آخرين من الحزب.
وأعلن حزب الله، مساء أمس الجمعة، أنه قصف بوابل من صواريخ الكاتيوشا "مستعمرة مرجليوت" وموقعين عسكريين حدوديين، وذلك "ردًّا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وخصوصًا في بلدات كفرشوبا ومركبا والخيام ويحمر شقيف وكفرتبنيت".
من جهته، قال جيش الاحتلال، في بيان، إن اثنين من جنوده أُصيبا بجروح طفيفة "بمقذوفات أطلِقت على بلدة كريات شمونة الحدودية"، مشيرًا إلى أنهما نُقلا إلى المستشفى. وأضاف جيش الاحتلال أنه ضرب "مصدر عمليّات الإطلاق" وأنّه أطلق نيران المدفعيّة على مناطق عدّة في جنوب لبنان ردًّا على ذلك.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية، أن "منطقة موقع الدبشة المشرف على مدينة النبطية وأطراف النبطية الفوقا تعرضت لقصف مدفعي بالقذائف الفوسفورية المحرمة دوليًا ومصدرها مرابض العدو الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، في محاولة من العدو لإشعال حرائق في الأحراج المحيطة بالمنطقة".
كما ذكرت الوكالة اللبنانية أنه "خلال عمل فرق الإطفاء التابعة لاتحاد بلديات بنت جبيل على إخماد النيران الناتجة عن العدوان الجوّي الإسرائيلي، تعرضت المنطقة لغارة عنيفة نفذتها المقاتلات الحربية أدت إلى وقوع 4 إصابات طفيفة، اثنان منهما من فريق الإطفاء".
تحذيرات من الحرب الواسعة
هذا التصعيد دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للتحذير من خطر نشوب حرب واسعة النطاق، إثر تزايد تبادل إطلاق النار عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وأعرب "جوتيريش" عن قلق الأمم المتحدة العميق إزاء تزايد كثافة تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، مشددًا على ضرورة تجنب التصعيد وأن الحل السياسي والدبلوماسي هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق للمضي قدمًا.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن التصعيد المتزايد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية "يزيد من مخاطر اندلاع حرب شاملة"، محذرًا من أن ما وصفه بـ"خطر سوء التقدير" قد يؤدي لمواجهة خطيرة بين الطرفين.
وكرر نداءات مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) التي تحثُّ الجانبين على العودة فورًا إلى وقف تبادل إطلاق النار، والالتزام من جديد بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 عام 2006 الداعي إلى وقف العمليات القتالية بين إسرائيل ولبنان.
وكان جوتيريش حذر سابقًا من أن يصير لبنان "غزة ثانية"، مؤكدًا أن العالم لن يحتمل ذلك.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، الأربعاء الماضي: "نحن قلقون جدًا حيال التصعيد وتبادل القصف"، محذرًا من الخطر المحدق بالمنطقة "برمتها إذا وجدنا أنفسنا وسط نزاع شامل".
ويتبادل جيش الاحتلال وحزب الله، منذ 8 أكتوبر الماضي، قصفًا يوميًا عبر "الخط الأزرق" الفاصل، خلف مئات بين قتيل وجريح معظمهم بالجانب اللبناني.
ومنذ بدء التصعيد، قُتل 496 شخصًا على الأقلّ في لبنان، غالبيتهم مسلحون من حزب الله و95 مدنيًا، وفق تعداد لوكالة "فرانس برس" يستند إلى بيانات حزب الله ومصادر رسمية لبنانية. وأعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 16 عسكريًا و11 مدنيًا.
وفي الأسابيع الأخيرة، زاد التصعيد بين إسرائيل و"حزب الله"، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب شاملة، لا سيما مع إعلان جيش الاحتلال في 18 يونيو "المصادقة" على خطط عملياتية لـ"هجوم واسع" على لبنان.
وكانت إيران حذرت إسرائيل من "حرب إبادة" بـ"مشاركة كاملة لمحور المقاومة"، الذي يضم طهران وحلفاءها الإقليميين، في حال شن جيش الاحتلال هجومًا "واسع النطاق" على حزب الله في لبنان.
والأربعاء الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أن جيش الاحتلال "لا يريد حربًا" في لبنان، لكنه يمكن أن يعيده إلى "العصر الحجري" في حال اندلعت حرب.
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء الماضي، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على "الضرورة المطلقة لمنع اشتعال الوضع" بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
وأشارت الرئاسة الفرنسية، في بيان، إلى أن ماكرون ونتانياهو "تباحثا في الجهود الدبلوماسية الجارية في هذا الاتجاه" عشية وصول آموس هوكستين، مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى باريس، الأربعاء الماضي، للقاء المبعوث الفرنسي الخاص إلى لبنان جان-إيف لودريان ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط.