قد يساعد فوز الإصلاحي المعتدل مسعود بزشكيان بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، في تعزيز سياسة خارجية عملية لبلاده، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.
ولفتت الشبكة في تقرير لها عن مستقبل السياسة الخارجية الإيرانية بعد فوز بزشكيان برئاسة البلاد، إلى أن الرئيس الإصلاحي المعتدل يرى أنه لا يمكن حل المشكلات الداخلية في إيران دون حل المشكلات مع العالم الخارجي.
وأكد "بزشكيان" أن إدارة البلاد تقوم على التعامل البناء مع العالم على أساس الحوار والتفاوض مع مختلف الدول، ويدعو الرئيس الإصلاحي المنتخب إلى تحسين العلاقات بين إيران والدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، على أساس الأركان الثلاثة المتمثلة بـ"العزة والحكمة والمصلحة"، وفق ما ذكرت الوكالة الرسمية الإيرانية للأنباء "إرنا".
ولفتت الوكالة إلى أن بزشكيان أعلن أنه سيضع في أعلى سلم أولويات حكومته إحياء الاتفاق النووي الذي هو من مصلحة إيران، كما يعتبر أن من مصلحة إيران الانضمام إلى (مجموعة العمل المالي الدولية) من أجل تطوير وتسهيل التجارة مع الدول الأخرى.
والمفاوضات النووية حاليًا في طريق مسدود، بعد الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة في عام 2018 بقرار اتّخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وإعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على طهران.
وحسب "سي. إن. إن"، يقول الخبراء إن وجود وجه أكثر اعتدالًا في الرئاسة يمكن أن يسهل الحوار بين إيران والدول الغربية.
وحظي بزشكيان البالغ من العمر 69 عامًا بتأييد الرئيسَين الأسبقَين الإصلاحي محمد خاتمي وحسن روحاني.
وكان بزشكيان قاد حملته الانتخابية في الأيام الأخيرة، رفقة محمد جواد ظريف الذي سعى إلى تقارب إيران مع الدول الغربية خلال السنوات الثمانية التي قضاها على رأس وزارة الخارجية.
وكان ظريف هو كبير الدبلوماسيين الإيرانيين عندما أبرمت طهران اتفاقًا مع الولايات المتحدة والقوى العالمية، للحد من أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات.
وتم طرح اسم ظريف، الحليف الرئيسي لبزشكيان، والإصلاحي الذي أشرف على فترة دافئة نسبيًا من العلاقات الدولية منذ ما يقرب من عقد من الزمن، كمرشح محتمل لإعادة شغل منصبه القديم في عهد الرئيس الجديد.
ورغم أن ظريف يتمتع بشعبية بين الشباب الإيراني، واجه أيضًا انتقادات من المتشددين في الداخل لأنه ودود للغاية مع الغرب. ولكن قبل الانتخابات، أدان المرشد الأعلى في إيران على خامنئي أولئك الذين يسعون إلى تحسين العلاقات مع الغرب.
وسبق أن صرح بزشكيان علنًا بأنه سيخضع لخامنئي في ما يتعلق بشؤون السياسة الخارجية، وبالتالي فإن تعيين ظريف ليس مضمونًا على الإطلاق.
وذكرت "سي. إن. إن" أن بزشكيان يدين بالولاء للمؤسسة الدينية الحاكمة في إيران، وصرح بأنه لا يعتزم مواجهة النخبة الحاكمة في إيران من رجال الدين والمحافظين.
وقالت الشبكة، إنه في حين يتمتع الرئيس ببعض السلطات في إيران، فإن السلطة الأكبر تقع على عاتق المرشد الأعلى، الذي له الكلمة الأخيرة في جميع شؤون الدولة.
ونقلت الشبكة عن سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن، إنه من غير المرجح أن يترجم انتخاب بزشكيان على الفور إلى تغييرات في السياسة الخارجية، ما لم تتوافق مع محددات المرشد الأعلى في إيران.
وحسب سي إن إن، يستبعد الخبراء أن يغير بزشكيان المسار الحالي تجاه إسرائيل. وقبل 3 أشهر فقط، تبادلت إيران وإسرائيل إطلاق النار للمرة الأولى مع اتساع نطاق الحرب على غزة، ويستعد جيش الاحتلال الآن لفتح جبهة ثانية محتملة ضد حزب الله في لبنان.
وتصاعدت حدة اللهجة بين إيران وإسرائيل، الأسبوع الماضي، عندما قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إنه إذا "شرعت إسرائيل في شنّ عدوان عسكري واسع النطاق" على لبنان، فإن "حربًا طاحنة ستترتب على ذلك". ورد وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس، بأن "النظام الذي يهدد بالتدمير يستحق التدمير".
وكان بزشكيان أشاد بالجنرال قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي اُغتيل في غارة أمريكية عام 2020، وقال في مناظرة رئاسية جرت مؤخرًا: "أنا أعتبره مصدر فخر وطني وشوكة في عيون أعدائنا".