شهدت فرنسا أخيرًا جولة أولى من انتخابات تشريعية، أسفرت عن نتائج غير متوقعة ألقت بظلالها على المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد، وفي تقرير نشرته صحيفة "بوليتيكو"، تم تسليط الضوء على التداعيات المُحتملة لهذه الانتخابات على الاقتصاد الفرنسي والأسواق المالية، في ظل حالة من عدم اليقين السياسي.
نتائج مفاجئة
كشف التقرير أن الجولة الأولى من الانتخابات، أسفرت عن تصدر حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، حاصدًا نحو 34% من الأصوات على مستوى البلاد، وجاء تحالف الجبهة الشعبية الجديدة التقدمي اليساري في المرتبة الثانية بنسبة 28%، بينما حل تحالف الرئيس إيمانويل ماكرون، الليبرالي "معًا" ثالثًا بنسبة 20%.
وأوضحت "بوليتيكو" أن الأسواق المالية استقبلت هذه النتائج بحذر، إذ ارتفعت الأسهم وتعافى اليورو في البداية، لكن سرعان ما تبدد هذا الارتياح الأولي بحلول منتصف النهار، ويرجع ذلك إلى صعوبة التنبؤ بالتوزيع النهائي للمقاعد بعد جولة الإعادة المقررة الأحد المقبل.
سيناريوهات غير مرغوبة للأسواق
وفقًا للتقرير، فإن جميع السيناريوهات المحتملة للنتيجة النهائية غير مرغوبة بالنسبة للأسواق.
حتى في حال تشكيل حكومة من حزب واحد بقيادة التجمع الوطني، فإن فرنسا ستواجه عامين من الجمود الفعلي، نظرًا للصلاحيات الواسعة للرئاسة بموجب الدستور الفرنسي.
وأشار أرمين شتاينباخ، أستاذ القانون والاقتصاد في كلية الدراسات العليا للتجارة في باريس، إلى أن التعايش بين حكومة ورئيس من أحزاب مختلفة قد يكون صعبًا هذه المرة، نظرًا للاختلافات الأيديولوجية الكبيرة بين ماكرون ولوبان.
تأثير الجمود السياسي على الاقتصاد
حذرت "بوليتيكو" من أن الجمود السياسي قد يشكل التهديد الأكبر للاستقرار المالي الفرنسي، إذ أشار هولجر شميدينج، كبير الاقتصاديين في بنك بيرنبرج، إلى أن الحكومة المشلولة قد تتعرض لهجوم من كلا الجانبين، الجبهة الشعبية الجديدة والتجمع الوطني، اللذين قد يتحدان تكتيكيًا لإلغاء سياسيات ماكرون الاقتصادية.
الدين العام
لفت التقرير الانتباه إلى المخاوف طويلة الأمد المتعلقة بالدين العام الفرنسي، فمنذ الأزمة المالية العالمية، ارتفع الدين العام في فرنسا إلى 110% من الناتج المحلي الإجمالي، مُقارنة بألمانيا التي حافظت على نسبة أقل من 60%، وأصبحت فرنسا الآن تمتلك أكبر حجم ديون في أوروبا بقيمة 3.1 تريليون يورو.
وحذّر بنك التسويات الدولية في تقريره السنوي من أن الدين المرتفع قد يقوض مصداقية السياسة المالية أو الجدارة الائتمانية للدولة؛ مما قد يؤدي إلى تقييد السياسة النقدية وتأجيج التضخم.
تحديات التعاون والتوحيد
أشارت "بوليتيكو" إلى أن معظم الضمانات والدعائم الجديدة لمنطقة اليورو، مثل آلية الاستقرار الأوروبية، تفترض موقفًا تعاونيًا من أي حكومة تواجه صعوبات كافية لتحتاج إليها.
ومع ذلك، فإن برامج كل من التجمع الوطني والجبهة الشعبية الجديدة لا تسمح للمستثمرين بافتراض مثل هذا التعاون.